Translate


السبت، سبتمبر 11، 2010

ما هو الشعر النبطي؟






التاريخ والتسمية







شعر عربي ملحون، خرج على ضوابط العرب في كلامهم المعرب حافل بالأصوات والمفردات والتراكيب الشعبية الدارجة، وهو أشهر أنواع الشعر غير الفصيح وأكثرها انتشاراً في شبه الجزيرة العربية وعلى ألسنة سكانها.

وقد سمي بالنبطي تشبيهاً له بكلام النبط لخروجه عن قواعد العربية فكأنه كلام النبط الذي يلحنون به ولا يقيمون إعرابه.




وقد انتشر هذا النوع من الشعر في الجزيرة العربية منذ قرون بعيدة وبدأ نظمه على ألسنة الشعراء البارعين في جميع الأحوال، وإذا كان صفي الدين الحلي (ت 750هـ) وابن خلدون (ت 808هـ) قد ذكرا أنواعاً من الشعر غير الفصيح وذكر أسماء ما كان معروفاً في زمانهما فإن النبطي تسمية حادثة بعدهما لم يذكراها فيما ذكرا من الأسماء.



ويظهر أن التسمية بدأت في الجهة الشمالية المجاورة للعراق لقربها من الأنباط وبدأت تعرف لانتشار الشعر بسرعة، وأول من عرف من شعراء الشعر النبطي في القديم "أبوحمزة العامري" من الأحساء و "راشد الخلاوي"، و "قطن بن قطن" من أهل عمان و"رميزان" و "جبر بن سيار" من أهل نجد و"بركات الشريف" و"بديوي الوقداني" من أهل الحجاز، و"حميدان الشويعر" من أهل الوشم و"الهزاني" من أهل (العقيق). وفي القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، انتشر الشعر النبطي انتشاراً واسعاً في جزء كبير من الجزيرة العربية وكثر الشعراء الذين يحسنّونه وقوي في كل مكان وعلى كل لسان، وبلغ الغاية في سرعة الانتشار في العصر الحاضر وبرع فيه شعراء كثر منهم على سبيل المثال: جهز بن شرار و ابن سبيل ، و شليويح العطاوي، و رشدان بن موزة، ولافي العوفي ومحمد بن لعبون وغيرهم.



وكل هؤلاء عاشوا في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري.







أقسام الشعر النبطي



ينقسـم الشـعر النبطي إلى فنٍّ القصيد، وفن الرد أو الحوار. وفي كل فن، برز عدد من الشعراء المجوّدين .







مضامين الشعر النبطي



الشعر النبطي يحمل كل المضامين التي عرفها الشعر الفصيح وعبر عنها العرب الفصحاء، وكل فن وُجد في الشعر القديم المعرب وُجد في الشعر النبطي واحتفظ بكل عناصر الشعر العربي إلا الإعراب وبحور الخليل. فقد تخلَّى شعراء النبط عنهما إلا أنهم أحدثوا أوزاناً جديدة يستقيم بها جرس الشعر النبطي ويعرفون بها الشعر الموزون المقفى من غيره، وأغلب شعراء النبط في القصيد يلتزمون في البيت قافيتين، فيقفون الشطر الأول من البيت بقافية والشطر الثاني بقافية أخرى مثل قول رشدان بن موزة







يالله يا فراج باراع الأفراح



يا مُبدل عسر الليالي يلينِ



تفرج لمن بيته على جال مسهاج



كنَّه خلاوي ماش حوله قطيني







ويتناول الشعر المدح والرثاء والهجاء والغزل ووصف الكرم والشجاعة وكل موضوعات الفخر وغيرها ولكن بلغة عامية، وهذه المعاني تأتي في القصيد الذي يحسنه الشعراء في الحجاز ونجد وشمال الجزيرة كله وشرقها وغربها، ومن نماذج ذلك قول مشعان الهتيمي







يقول مشعان الهتيمي تفلهم



قاف رجس بين الضلوع المغاليق



واحيرتي في مقعدي قيس ماتم



قلب الهواوي يطرقنّه مطاريق



خلي طواني طيَّه الثوب الأدهم



وأنا طويته طي بير الزرانيق







ومثله قول جهز بن شرار







يا غزيل جاني وجيته على الدرب



جاني وأنا عجلان ماني بقرا



يحوز من قصر العوالي على الزرب



ويمشي على مشهاته اللي يورا



بغيت أخمه مير ذلَّت من حرب



وأنا على درب الردى ما تجرا







أما فن الرد أو الحوار أو (القلطة) فلا يعرف مثله في الشعر الفصيح وصفته:



أن يقوم شاعر ويقوم معه صفان من الناس، فينشد بيتين فيردد الصفان البيتين،



حتى يعترض الشاعر الآخر ويطلب منهما السكوت ثم يأتي ببيتين آخرين يشاكل معناهما معنى البيتين السابقين، فيقوم الصفان بترديدهما فإن كان البيتان الأولان مدحاً تبعهما الشاعر الثاني، وإن كانا هجاءً تبعهما أيضاً.. الخ،



وهذا الفنُّ لا يحسنه إلا القليل، لأنه يقوم على أسس معرفية، وأعراف اجتماعية مرعية، وبيئة تشجعه. كما يقوم على الذكاء اللمَّاح وسرعة البديهة، واستحضار الحال، وتضمين أشياء بعيدة عن الفهم المباشر والدلالة السطحية للكلمات.



وتكون قدرة الشاعر في استعمال الإيحاء والإيماء البعيد للمعنى مؤثراً في جودة الشعر وتزيد إعجاب الناس بالشعر وبالشاعر وترجح كفته على مناقضه ويقع الإقرار بشاعريته ولهذا الفن قوانين يحترمها الجميع، ولا يجلب الهجاء في الملعب عداوة بين الشعراء في الغالب.

وإذا لم يحسن الشاعر – أي أحد المتناقضين- المعنى المراد البعيد للشاعر الأول ولم يأت على معنى الشعر الأول بما يطابقه أو يوافقه، عد غير قادر ولو قال كل ثانية بيتاً، وقد يشتكي منه حتى مناقضه كأن يقول مثل ما قال مهبل الصاعدي :







عميلي حاور الوادي وأنا أدوره مع الضلعان



ودور صاحبي يالين حال الموج من دونه



دخيلك يا فلان إنك تعدل لي لحون فلان



عليك تعد له وإلا على المعنى تردونه







يعني أن مناظره قد ذهب بعيداً عن معناه الذي يريد.



وقد يكون المعنى كناية عن أشياء لا يود الشاعر التصريح بها ولا يكون في ملعبه ومزين كما قال السلمي







يا ضلع ضلع الحيا يا اللي عشاك النبات



فيك الوروش أعجبتني وأدخلتني معك في دينها



يا ضلع يا ضلع مرعاية ثمان عنزات



ثمان لا تنقص الديره ولا تخلف قوانينها







وهو يخاطب إمرأة فترد المرأة







معزاك معزاك يا ابن احليس لا تعرض بها للثقات



من خوف حذفه تجي ويحطها الله في مضانينها



إما كلهن وإلا غدن الأربع الأولات



صارت حسوفه على النشاد والرعيان كانينها







وقد كان الشعر النبطي شفوياً غير مدون وغير منشور حتى العصر المتأخر، وأول من دوَّنه وأرخ له ولشعرائه "خالد الفرج" في كتابه ديوان النبط، ثم "عبدالله بن خالد الحاتم" في كتابه خيار ما يلتقط من شعر النبط.



ثم كثرت الكتب عن هذا اللون من الشعر النبطي وكثرت دواوين الشعر في كافة دول مجلس التعاون الخليجي.







خصائص الشعر النبطي وميزاته



يتميز الشعر النبطي بالعديد من الخصائص التي تجعله ذات طابع مميز عن غيره من الأشعار العامية العربية ، ومن هذه الخصائص :



1- لغة الشعر النبطي هي اللغة البدوية بشكل عام والنجدية بشكل خاص.



وتعتبر اللهجة البدوية هي أقرب اللهجات إلى الفصحى



لعدة أسباب منها انعزال البوادي العربية التي تتحدث هذه اللهجات، وعدم اختلاطها بغير العرب.



2- القصيدة النبطية هي قصيدة تقليدية حيث أنها تلتزم بخصائص وبشكل القصيدة العربية القديمة من حيث الوزن الواحد والقافية الواحدة والبيت المكون من شطرين متساويين متكررين في مقدارهما الموسيقي، إضافة إلى أن القصيدة النبطية تتبع نفس بناء القصيدة العربية التقليدية من حيث تقسيمها إلى بداية تمهيدية وموضوع رئيسي وخاتمة تقليدية.



3- من حيث الوزن والموسيقى :



- تلتزم القصيدة النبطية بالأوزان التقليدية الخليلية مع وجود بعض الاختلافات المتعلقة بعدد التفعيلات وبأوزان مبتكرة.



- يمكن استخراج وزن القصيدة النبطية باتباع طرق التقطيع التقليدية والمقاطع.



- اختفاء الفاصلة الكبرى والفاصلة الصغرى والسبب الثقيل من القصيدة النبطية.



- أضافت القصيدة النبطية الالتزام " بالناعشة " وهي قافية الشطر الأول ،



كما أنها تأثرت بما استحدث في الشعر الفصيح من ألوان القوافي كالمربّع والمرصّع والمشجّر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق