Translate


الأحد، سبتمبر 26، 2010

الكتاب: شفرة دافنشي


المؤلف: دان براون
الناشر: الدار العربية للعلوم / بيروت
سنة الطبع: 2003




تدور احداث الرواية بشأن الباحث الامريكي المتخصص بالاديان والرموز الدينية في جامعة هارفاد (روبرت لانغدون) والذي يزور باريس لالقاء محاضرة عن الرمزية الوثنية والذي يصله طلب من (جاك سويز) القيم على متحف اللوفر للقاء به. والاخير معروف بمؤلفاته عن الانوثة المقدسة ودورها عبر التاريخ. في اللحظة الاخيرة يقتل (سونير) في المتحف فيخط بدمه رسالة فيها رموز غريبة وفيها اسم (لانغدون) الذي وجد اسمه ايضا في المفكرة الشخصية للقتيل.  يتهم (لانغدون) بجريمة القتل من قبل النقيب المتحمس والمتحامل (بيزوفاش) وقبل القاء القبض عليه تنقذه الشابة الفرنسية (صوفي نوفو) حفيدة (سونير) التي يترك لها جدها رسالة خلف احدى لوحات (ليوناردو دافنشي) تحوي رموزا اكثر تعقيدا ويدعوها للاستعانة بـ (لانغدون) على الرغم من انها مختصة بعلم الشفرات في الشرطة الفرنسية. وعبر مطاردات تحبس الانفاس تتكشف اسرار اسطورية ودينية رهيبة، فنعرف أولا ان (سونير) القتيل هو رئيس احدى اخويتين متنافستين تاريخيا وهي (اخوية سيون) الدينية التي تأسست عام 1099م وهي منظمة حقيقية. وفي عام 1975 اكتشفت مكتبة باريس الوطنية وثائق تثبت ان من بين اعضائها: نيوتن وفكتور هوجو ودافنشي وجاك كوكتو وغيرهم، وهذه الجمعـــية تمتلك الان سرّ الكأس المقدّسة او (Grail San) التي يعتقد ان السيد المسيح عليه السلام شرب منها قبل صلبه.
يظهر لاحقا ان المقصود بهذه الكأس هي الوثائق التي تشير الى زواج السيد المسيح من مريم المجدلية. وكان مقتل (سونير) الذي يعرف اين اخفي هذا السر (المقدس) على يد (سيلاس) وهو مجرم سابق تاب على يد القديس (ارينغاروزا) وهو رئيس الجمعية الثانية واسمها (أوبوس داي) وهي مذهب كاثوليكي متشدد اثار جدلا طويلا بسبب تقارير نشرت عن قيام عناصره بغسيل للادمغة والاكراه والقسر والقيام بممارسات خطيرة تعرف بـ (التعذيب الجسدي الذاتي) مثل ربط حزام ذي مسامير مدببة حول الفخذ يسبب قروحا وجروحا تذكر المريد بألم المسيح وضرورة كبت غرائزه، وكذلك جلد الجسد بالسوط حد جريان الدم.
هذه الجمعية ضاق الفاتيكان ذرعا بها وبممارساتها المتعجرفة التي تسيء للمسيحية المتسامحة، لكنه يسلم رئيسها (أرينغاروزا) (20) مليون يورو مقابل التعهد بتصفية رئيس اخوية (سيون) صاحبة الوثائق السرية وتسليم تلك الوثائق للفاتيكان. فالفاتيكان ستهتز سمعته حين يظهر ان المسيح ليس ألها او ابن اله بل هو رجل يهودي تزوج يهودية هي (مريم) وانجب منها بنتاً هي (سارة) هربت بها (مريم) الى فرنسا وهناك لم تجد من يحميها سوى (اليهود)، واليهود فقط الذين احتفظو برفاتها ونقلوه مع الوثائق السرية الى كنيسة نائية في بريطانيا وتحت اشراف زوجة (سونير) اي جدة (صوفي) للحفاظ على بقية السلالة اليهودية المقدسة من الابادة. الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية هي التي حولت العالم من الوثنية الانثوية الى المسيحية الذكورية، وهذا خاطئ فحسب الرواية فأن المسيح قد أوصى اتباعه قبل صلبه بالانصياع التام لاوامر مريم المجدلية، زوجته من بعده وخصها وحدها بمتابعة اعمال الكنيسة الكاثوليكية، حسب طروحات (دان براون) المدعمة بالوثائق وتحليل الرموز ورثت عملية التوحيد التي قام بها (قسطنطين) بين الموروث الوثني حيث كانت روما تعبد الشمس والافكار المسيحية التوحيدية. من الادلة على ذلك هو ان يوم (25 كانون الاول/ ديسمبر)، كما يقول (دان براون) هو عيد ميلاد الاله الفارسي (مترا) قبل ميلاد المسيح عليه السلام وإن الهالات التي تحيط برؤوس القديسين هي اقراص الشمس المأخوذة عن قدماء المصريين والمسيحيون في البداية كانوا يتعبدون يوم (الشبط) او (السبت) اليهودي، لكن قسطنطين غير اليوم ليتوافق مع يوم الوثنيـــــــــنين الذي يعبـــــــــدون فيه الشمس -Sunday- وان هذا التوحيد بين الوثنية والمسيحية قد جرى وفق تصويت تم في مجتمع (نيقية) في عام (325) م من اجل توحيد روما. ومن اجل ان يتخلص المؤمنون بدور الانوثة المقدسة من بطش الكنيسة ذات التوجهات الذكورية فقد لجأوا الى (الترميز) كما حصل لـ (اليوناردو دافنشي) الذي احتل تحليل اعماله وتخطيطاته وسيرة حياته ورموزه القسط الاكبر من الرواية (شفرة دافنشي). فعلى سبيل المثال فان إله الخصوبة الذكرية المصري (آمون) واسمه ورمزه الخروف وقرونه: Horn موجود على علب الواقي الذكري تقابله (إيزيس) إلهة الخصوبة الانثوية المصرية ولو جمعنا اسميهما: آمون + إيزتيس الذي يكتب بالحروف التصويرية: ليزا Lisa فسنحصل على كلمة: آمون ليزا او موناليزا وهي اشهر لوحة لدافنشي والتي اثبتت تحليلات الكمبيوتر انها تطابق وجه دافنشي وهي رمز الاتحاد المقدس بين الذكر والانثى وهذا هو سبب ابتسامة الموناليزا الغامضة.
مثل آخر من أعمال دافنشي وحسب تحليل (دان براون) هي لوحة (العشاء الاخير) التي رسمها دافنشي في كنيسة (سانتا ماريا) بميلانو في ايطاليا حيث ان التدقيق في وجه الحواري الجالس الى يمين المسيح يثبت بما لا يقبل الشك انه انثى فهو (مريم المجدلية) زوجة المسيح.
اذاً الكنيسة سلبت الانوثة المقدسة في المسيحية حقوقها كأصل بل حولتها الى مومس حسب رأي دان برون وعملت جاهدة على تحقير الجنس وجعله عملا شيطانيا وخطيئة مقرفة، في حين ان التقاليد اليهودية الاولى كانت تتضمن ممارسة الجنس كطقس تعبدي، وقد انتقل هذا الى (اخوية سيون) التي كان منتسوبها يمارسون الجنس جماعيا في قبو في بيت (سونير) حيث صدمت (صوفي) حين شاهدت ذلك أول مرة وحصلت قطيعة بينها وبين جدها امتدت لسنوات طويلة. ولا ينسى (دان براون) تكرار الاشارات الى ان الترميز عن الانثى المقدسة المطرودة مريم المجدلية (اليهودية) قد استمر الى يومنا هذا في الابداع. فالاساطير المقدسة مثل الفارس الاخضر والملك ارثر والاميرة النائمة كانت كناية عن الكأس المقدسة.
ورائعة لفكتور هوجو (احدب نوتردام) وسمفونية (الناي السحري) لموتزارات كانت مليئة بالرموز الماسونية واسرار عن الكأس المقدسة. وحتى (والت ديزني) الذي يوصف بأنه ليوناردو دافنشي العصر الحديث مرر هذا الامر من خلال ميكي ماوس وسندريلا والاميرة النائمة وبياض الثلج والملك الاسد (سيمبا) والحورية الصغيرة وغيرها، اما في السينما فليس اخرها فلم (عيون محدقة مغمضة) لتوم كروز.
لقد قدم (دان براون) والحق يجب ان يقال كما هائلا من المعلومات عن اسرار الالوهة الانثوية المقدسة وتمظهراتها الاسطورية والفنية والدينية عبر التاريخ ساعده على ذلك دراسته للفن في جامعة اشبيلية باسبانيا لعدة سنوات وتأثير زوجته (بليث) الرسامة والمؤرخة للفن والتي اهداها روايته هذه.
وما قدمه من تحليلات موجود اغلبها ومنذ عشرات السنين في المئات من المؤلفات التي تحدثت عن الانوثة المقدسة والتي ارى ان خير من جمع هذه النتائج والتحليلات في العربية هو الباحث السوري (فراس السواح) في كتابه الشهير (لغز عشتار) حيث اثبت نقلا عن مراجع ثبت اجنبية لا تحصى ان انانا / عشتار العراقية القديمـة هي بصدر الانوثة المقدسة في العالم وانها انتقلت عبر الحضارات الاخرى لتتمظهر في صورة: عشتروت ومناة وايزيــس وافروديت وفــينوس وغيرها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق