Translate


الأربعاء، سبتمبر 29، 2010

بي كادُد ..القرنفلة السوداء ، مائة عام وإصرار على الغناء




القرنفلة السوداء ( بي كادُد ) المعمرة الأولى في العالم من بين المطربات التي وظفت غنائياتها إلى نقد المجتمع وفساد الحكام وكرست غناءها لنصرة الكادحين. فلننتبه إلى القيم الجميلة للغناء.
زنجبار عربيا وزنزبار انكليزيا Zanzibar ،اسم يطلق على مجموعة جزر تابعة لتنزانيا في أفريقيا بالمحيط الهندي تتمتع بسلطة ذاتية. بجهود النخبة المثقفة من ساكنيها لأحياء ما هو مفيد وايجابي من تراث وتقاليد أقوامها المتعاقبة لم تعد الجزيرة المجهولة بأرضها الحجرية الخصبة ذات الملايين من أزهار القرنفل. وهي تشكل مع جزيرة بيمبا بستان أفريقيا الشرقية بطول 85 كم وعرض 40 كم . من بين ما تتميز به زراعة الرز والطلح والمهوغو والجزر. يقدر نفوسها بمليون نسمة. حكمها العرب العمانيون قرابة الألف عام. تمثل تنجانيقا وزنجبار القسم الأكبر من سلطنة آل بوسعيد الإسلامية شرق أفريقيا، وقد تكالبت عليها الدول الاستعمارية في الربع الأخير من القرن الماضي، فتآمرت بريطانية وألمانيا وفرنسا على اقتسام شرق أفريقيا فيما بينهم.
عام 1961 تم انفصال زنجبار عن تنزانيا لتشكل دولة بسلطة منفصلة.

الجانب الآخر من الغناء
فاطمة بنت بركه Fatuma binti Baraka المعروفة بأسم " بي كادد" Bi Kidude مطربة الطرب الزنجباري وملكته دون منازع وهي وريثة المطربة الأولى " ستّي بنت سعد ". ابنة بائع جوز هند في مستعمرة زنجبار، يلف حياتها الغموض مما يمنحها منزلة أسطورية وهي اليوم عضو نادي الثقافة الموسيقي ، تواصل غناءها على المسرح العالمي وهي في عمر المائة عام. تؤدي غنائية " كجيدي " التراثية لمؤلفتها " ستّي بنت سعد " الصورة العميقة للتعايش الأسطوري.
في 2005 فازت بجائزة WOMEX الرفيعة المستوى لمساهمتها البارزة في الموسيقى والثقافة في زنجبار.
فازت بحب الأصدقاء حيثما تسافر وفي بلدها زنجبار مثار جدل فهي المتحدية والمتمردة على النظرة السطحية للمرأة ودورها في المجتمع التنزاني.
عادة تكشف في أغانيها عن مفارقات مثيرة في حياة هذا الرمز الأيقوني مقدمة روائع فن الموسيقى التصويرية الكلاسيكية عبر مائة عام من السواحيلية.
غنائية " كجيتي" تعود إلى الطرب الذي كان يمارس في الأماكن المعوزة من بلدة زنجبار في عشرينات القرن الماضي. في ذلك الوقت ، سبق إن وصل هذا اللون من الغنائيات إلى السلطان ونخبة من الزنجباريين بواسطة موسيقيين يعيشون في مناطق مجاورة لمدينة نكعامبو المزدحمة بالسكان بعد إلغاء تجارة العبيد. برزت فرقة ستي بنت سعد ونالت شهرتها بامتياز بحيث دعيت في الكثير من الأحيان لأداء أغانيها عند السلطان والنخب المحلية حتى سجلت فرقتها أكثر من 250 أغنية للفترة 1928-1930.
تمثل قصة حياة ستي بنت سعد واحدة من آلاف ممن كافحوا لنقل هويتهم العرقية والاجتماعية . ولدت ستي بنت سعد ما بين عام 1890 و 1900 في منطقة ريفية بعيدة جنوب أوكوجا من أبوين هاجرا من مدينة تانجانيقيا . نشأت الفتاة ستي بنت سعد على بيع الفخاريات وهي تتنقل حافية القدمين إلى المدينة مرددة أغان شعبية. حين انتقل أبوها " سعد" إلى نكعامبو لاحظ بعض العازفين للتواشيح الإسلامية موهبة "ستي" فتم تأهيلها لتجويد القرآن. تلك كانت البداية التي تجاوزت فيها جذورها السيئة وأكسبتها احترامها من قبل النخبة وأصبحت لاحقا تعمل مع عازفين لهم مكانتهم في إشارة إلى كل من سبتي بن انبار ، بودا بن سويدي ، معلم شعبان ومبارك أفندي طلسم.
يذكر عنها في الجالية الزنجبارية أنها تتمتع بمكنوز فني ما يعرف بالكي سواحلي من الغناء الذي ترجمته في جلسات الطرب المسائية taarab ya wanawake بتجمع الرجال والنساء لا للإصغاء إلى الغناء فحسب بل للتباحث والتعليق والنقاش حول القيم الأخلاقية التي تتضمنها الأغاني فكانت فرصة للتعبير عن وجهات النظر المختلفة. ولم تكن الأغاني بالمقاييس الحالية الآن بل كانت تراكيب قصيرة - غالبا ارتجالية - تمس ما يستجد من أنباء وذات مرونة فيما يخص القافية والإيقاع.
قصائد ستي بنت سعد الغنائية تعالج مواضيع متنوعة فهي لا تقتصر على المراسيم بل تتعدى ذلك إلى نقد السلوك الاجتماعي مثل الفساد العام للمسئولين (كأغنية Wala hapana hasara، ' ليس هناك خسارة ') ونقد حالات الظلم في المحاكم الاستعمارية (أغنية كجيتي Kijiti ). كما اهتمت بأغاني الحب. لقد عُدت أغاني الحب لتصور العلاقات بين الرجال والنساء على نحو واقعي يختلف تماما عن الأسلوب المجازي الذي ظهر لاحقا ما بعد خمسينات القرن الماضي ، من ذلك أغنية من تأليف إبن Budda Mwendo بعنوان Mume wangu halali kwangu " زوجي لا ينام معي " الذي تشتكي فيها الزوجة إهمال زوجها لها ماديا وجنسيا بعد أن تزوج عليها وهجرها.
تقول غنائية "كجيتي" لـ " ستّي بنت سعد " غناء المطربة المعمرة قرنفلة أفريقيا بي كادُد :
انظر انظر إلى ما ارتكبه كجيتي من فعل
قد أقنع الغريب أن يجبر الصبية ليلعبا لعبة الصبا
رافقها إلى الأجمة وأعادها مثل جثة هامدة
أجل عاد بها مثل جثة
رافقها إلى الأجمة وأعادها كجثة هامدة
اصطحبها إلى الأجمة . أوه أوه أوه . . .
كجيتي قال " هيا بنا نلعب ".
لو كنت أعرف لرفضت ولما ذهبت معه
كجيتي لقد قتلتني بطلقة واحدة من ذلك الشراب
طلقة منه واحدة.

وكما يبدو جليا الدرس الأخلاقي عبر هذا العرض الحواري البسيط من تنبيه وترويع حتى أن اغلب الزنجباريين بل التنزانيين عموما باتوا يعرفون هذه الغنائية ويرددونها في الكثير من المناسبات والفعاليات.

المشهد المعاصر للطرب الغنائي التراثي الزنجباري
تشكلت في زنجبار الطرب الأصلي - إخوان صفاء - نادي الثقافة الموسيقي في زنجبار، والمطربة بي كادد ويصب اهتمامهم على التقاليد " الغريبة" في المجتمعات الغربية وهي تجاهد للتقدم وسط محبطات اقتصادية مثبطة للعزيمة اغلب الأحيان. ففي السابق كان هذا اللون التراثي مدعوما من قبل القيادة في الحكومة التي فضلت هذا اللون من الغناء أن يكون بمثابة العربة للتواصل السياسي على أن منذ الأزمة الاقتصادية في التسعينات وانتشار عقلية التحرير ضمن المؤسسة قاد إلى تقليص الدعم من جانب وتشجيع المبادرات الخاصة في أنشطة الطرب. في حين تتبنى الحكومة اليوم إسنادها الشحيح لفرقة بمعدات فقيرة تدعى صنعاء يا طرب بقيادة المطربة الشهيرة فاطمة عيسى.
هكذا أجبرت نوادي الطرب الزنجبارية للسعي بحثا عن مصادر تمويلها الخاص وليتدبروا شؤونهم المعيشية. وقد استغلوا ارثهم الحضاري الغنائي ووسعوا من أنشطتهم إلى ما وراء حدود إحياء المناسبات الرسمية من مثل ( الأعراس ، والاحتفالات الدينية والسياسية) والى مناطق مختلفة تركزت عند سوق تسلية السياح والذي يمثل حاليا مصدرا مهما للتمويل المباشر لفرق الطرب إضافة إلى ما يرد من مال عبر شبكة الموسيقى العالمية. وغالبا ما يقوم فنانو طرب التراثيون بالسفر والتجوال في رحلات سياحية إلى أوربا والشرق الأوسط لأحياء مهرجانات ثقافية دولية تراثية كمهرجان الدهو السنوي للبلدان للبحث في الموسيقى الذي يشكل جزء من مهرجان زنجبار السينمائي الدولي هذا إضافة إلى ما تجنيه هذه الفرق الغنائية من عائد عن طريق ما تعرضه من تسجيلات عالية النوعية تتبناها شركات إنتاج غربية في شبكة الانترنيت من مثل كلوبستايل وشركة بتروفريك.

عن خبر أشيع حول موتها تعلق : أبقى أغني بكل ما أوتيت من قوة لأسعد الناس.

الرابط الخاص بالغنائية من أجمل الأغاني :


* مصدر: Verba Africana


 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق