Translate


الخميس، سبتمبر 23، 2010

الجيران الجدد




أفاق أهل الحارة الهادئة الوادعة على صوت جلبة، فتحت الأبواب فتحة خفيفة فأطلت الرؤوس منها ومن الشبابيك، واشرأبت الأعناق من الشرفات وحملقت العيون صوب البيت المتروك مستطلعة.



ودهش أهل الحارة مما رأوه، ساكنون جدد ينقلون أثاثهم وحاجياتهم وملابسهم إلى بيت أم سعيد الذي لم يدخله أحد منذ وفاتها قبل سنوات قليلة. ولم يصدق أحد منهم أنه يمكن لأي إنسان غريب أن "يستوطن" في حارتهم المتماسكة بابتعاد أهلها عن بعض. لكن سعيد فعلها.. قالوا في سرهم.



أراد سعيد أن ينتقم من أمه بعد وفاتها، فكّر أن ينال منها في مماتها بعدما لم يتمكن من مواجهتها في حياتها. شعر سعيد دائما أن والدته تؤثر أخوته عليه.



كبت مشاعر الغيرة والغضب إلى أن تأتي اللحظة المواتية، وها قد أتت. الكراهية في داخله نمت واستشرت، وكان له أن حصل على بيت والدته، فهو الابن الأكبر وله الحق في البيت حيث بقي فيه بحجة خدمة والدته، فكان يترك زوجته وأولاده في الحارة الأخرى، معظم النهار وينام الليل في بيت والدته. واليوم جاءت لحظة الانتقام، الانتقام من إخوته، من أهل الحارة الذين لم يدعموه ومن نفسه والأهم من أمه.



قام بإحضار غرباء إلى البيت الذي لم يغادره حتى بعد زواجه. وإمعانا في الانتقام من أهل الحارة ، وقع اختياره على عائلة من "العملاء" ليؤجرهم بيت والدته.



شعر أهل الحارة لأول مرة أن حارتهم باتت منتهكة. تنادوا لاجتماع أول وثان وثالث. لم تجد كل سبل الخير ورسائل الود لابن حارتهم سعيد، التي صدها بكل لؤم وبشاعة. أيقن أهل الحارة أن عليهم اللجوء لوسيلة بديلة، وما زالوا يستعدون لتنظيف حارتهم وإعادتها كما كانت.



بقلم: زياد شليوط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق