Translate


الأربعاء، سبتمبر 15، 2010

صناعة النهضة “بالرجال

بقلم: إسلام العدل – يقظة فكر



إن المجتمع الذي تدور فيه الأفكار والأشخاص في فلك الأشياء هو مجتمع ينحدر إلى هاية أو أنه قد انحدر بالفعل والمجتمع الذي تدور فيه الأفكار والأشياء في فلك الأشخاص هو مجتمع غير ناضج، بينما المجتمع الناهض هو المجتمع الذي يدور الأشخاص والأشياء في فلك الأفكار.




هكذا يفسر دكتور ماجد عرسان الكيلاني سبب ظهور صلاح الدين في كتابه القيّم “هكذا ظهر جيل صلاح الدين“ ومن هذه النظرية يمكننا أن نقول أن المحور الرئيسي في العوالم الثلاثة في فلسفة مالك بن نبي هو الأشخاص ..

وكذلك هو العنصر الرئيسي في معادلة أي نهضة:



إنسان، تراب وقت في فلسفة مالك بن نبي
الفئة المبدعة في فلسفة ارنولد تويني
العصبة في فلسفة بن خلدون
الرجال في فلسفة جاسم سلطان.







إذ يقول أن قوام أي نهضة هم الرجال الذين ينقلون المشروع نقلة نوعية!



وفي فلسفة عمرو بن الخطاب: إذ جلس إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنّوا ؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله. ثم قال عمر: تمنّوا، فقال رجل آخر: أتمنّى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به. ثم قال: تمنّوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر : ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.

وكذلك يخبرنا التاريخ أنه ما من حضارة قامت إلا على أكتاف الرجال والرجال هنا ليس المقصود بهم مضاد الأنثى، كنوع وإنما مقصود بها الرجولة كصفة تنطبق علي النساء قبل أن تكون علي الرجال. وأسألوا نساء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وكيف تملكوا صفات الرجولة التي أعادت المانيا إلى الصدارة مرة أخرى في 30 سنة!

والحقيقة آثرت أن يضرب المثال بنساء ألمانيا لثلاثة أسباب:



الأول: لتبيان أن صفة الرجولة تنطبق علي النساء والرجال علي السواء أي أن الجميع مطالب بأن يكون رجلاً وأن يتخذ موقفاً رجولياً في حياته!



والثاني: لتبيان أن الرجولة تفرز نتائجها في ظل أي إمكانيات وهناك الكثير من الأمثلة المتعددة التي انطلقت لتحقيق نهضة من نقطة الإمكانيات الصفرية التي انعدمت عندها أي مقومات للنهوض. بدأ بمجتمع مكة يوم ما بعث محمد رحمة للعالمين مرورا بعبد الرحمن الداخل حينما هرب من الشرق إلى الغرب وحيداً ليقيم دولة أموية في الأندلس نرى آثارها إلى يومنا هذا وصولاً إلى اليابان لحظة انفجار القنبلة النووية وألمانيا بعد الحرب العالمية إذ دُمرت كل المباني الموجودة بها وقتل الرجال وأُسر الباقي ولم يبقي سوي النساء والأطفال والعجائز.. كل هذا تحت وطأة أربع دول محتلة. الآن نحن نري موقع ألمانيا..! بإختصار يمكننا القول أن المطلوب للنهضة الرجولة اولاً .. وأخيراً.



الثالث: أن الرجولة ليست مرتبطة بطبقة معينة أو بشريحة محددة أو بدين بعينه وإنما هي كالقوانين الكونية سارية علي الجميع.



فالنهضة التي حققتها اليابان وألمانيا لم تقم علي الإسلام لكنها استلهمت قوانين القيام الكونية التي يقرها الإسلام بالفعل. لأن الله الذي خلق الكون هو الله الذي أرسى قوانينه وقوانين مجتمعاته، هو الله الذي أرسل الإسلام كذلك ليتمم به مكارم الأخلاق وليؤكد علي هذه السنن وليعطي للحضارة الإنسانية شكلاً مميزاً قائما علي العدل والإحسان.

أي أن أي مجتمع يعرف القانون سينجح كما في الطب تماما هناك قوانين كونية تحكم الأمراض وعلاقة كل داء بالدواء فأي طبيب سيأتي أو مضى يعرف القانون، يستطيع أن يعالج المريض بعيد عن كونه مسلماً أو غير ذلك.



الفارق الذي يحدث حينما تصبغ تلك الرجولة بالإسلام يكون الناتج له رؤية عالمية إنطلاقاً من”رحمة للعالمين” لذا تصبغ الحضارة الناتجة بصبغة مختلفة عن الحضارات الأخرى فنجد أننا نؤمن بصيغة الصلاح في مقابل الفساد وصيغة التعايش في مقابل سفك الدماء. في مقابلة لتعجب الملائكة حين قالت: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.


وبالتالي فيمكننا أن نختم المقال قائلين:



أن الرجولة تصنع المشروع الشخصي الذي بدوره يكون جزءاً مكوناً للمشروع العام ويكون وازع العمل الرجولي (وهو الإسلام في ثقافتنا) هو المحدد لقيم الحضارة الناتجة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق