Translate


الأربعاء، سبتمبر 22، 2010

"شهرام أميري" .. فضيحة مدوية للاستخبارات الأمريكية







محيط - جهان مصطفى



يبدو أن عالم الفيزياء الإيراني شهرام أميري والذي كان أثار جدلا واسعا حول مصيره تفوق على الأفلام الهندية في قصة اختفائه وظهوره وما تخللها من لقطات مثيرة .

ففي 13 يوليو / تموز ، فوجيء الجميع بأن أميري حي يرزق وموجود في سفارة باكستان في الولايات المتحدة ، بل وسارعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للإعلان أن العالم الإيراني جاء إلى الولايات المتحدة بإرادته وأقام فيها بحرية وهو يملك حرية العودة ، معربة في المقابل عن قلق بلادها من مواصلة احتجاز طهران لثلاثة أمريكيين كانت أوقفتهم العام الماضي لدى دخولهم الأراضي الإيرانية عبر الحدود مع العراق.


ومن جانبه ، أعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أن إيران تأمل في عودة أميري لبلاده دون أية عقبات ، قائلا :" لقد تلقينا نبأ وجود شهرام أميري في الولايات المتحدة وأنه لجأ إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانية في السفارة الباكستانية بواشنطن".

وجاءت التصريحات السابقة بعد أن ظهر أميري في قسم رعاية المصالح الإيرانية الملحق بسفارة باكستان في واشنطن وأكد من هناك أن عملاء استخبارات أمريكيين اختطفوه قبل 14 شهرا خلال وجوده بالسعودية ، موضحا أنه تعرض للتعذيب وضغوط نفسية كبيرة وأنه كان تحت حراسة مشددة .



ورغم أنه لم يكشف عن مكان احتجازه ولا كيف تمكن من الوصول إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانية ، إلا أن وكالة أنباء "فارس" الإيرانية ذكرت أن عناصر الاستخبارات الأمريكية قاموا بتسليم أميري إلى قسم رعاية المصالح الإيرانية ووصفت الخطوة بأنها هزيمة للمخابرات الأمريكية ، قائلة إن الجهود الاستخبارية والإعلامية الإيرانية أرغمت واشنطن على تسليم أميري .



وفي المقابل ، رجحت مصادر إيرانية أخرى أن أميري نجح في الفرار من أيدي الاستخبارات الأمريكية ولجأ إلى سفارة باكستان في واشنطن ، مستندة في هذا الصدد إلى شريط فيديو كان عرضه التليفزيون الإيراني في 14 يونيو الماضي وظهر فيه عالم الفيزياء النووي الإيراني شهرام أميري وهو يؤكد أنه أفلت من قبضة عملاء الاستخبارات الأمريكيين ، قائلا :" نحن في الرابع عشر من يونيو/ حزيران، أنا شهرام أميري مواطن من الجمهورية الإسلامية تمكنت قبل دقائق من الإفلات من قبضة عملاء استخبارات أمريكيين في فيرجينيا".



وأضاف "قد يعتقلني العملاء الأمريكيون في أي لحظة ولو حدث شيء ولم أعد حيا إلى بلدي ستكون الحكومة الأمريكية هي المسئولة عن ذلك" ".



وطالب أميري المسئولين الإيرانيين ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بتشديد الضغوط على الحكومة الأمريكية للإفراج عنه كي يتمكن من العودة إلى بلده ، مؤكدا أنه لم يقدم على "خيانة" بلده ولم يفش أي أسرار.



قصة الاختفاء والظهور



ويبدو أن الشريط السابق كان نقطة البداية على طريق الإسراع بتحديد مصيره ، حيث استدعت إيران السفير السويسري في طهران في مطلع يوليو وسلمته وثائق تثبت أن الولايات المتحدة خطفت أميري ، مطالبة بتحريره على الفور .



وكان شهرام أميري "32 عاما" وهو باحث أكاديمي يعمل في هيئة الطاقة الذرية الإيرانية اختفى في يونيو/ حزيران 2009 بينما كان يؤدي مناسك العمرة في السعودية ، واتهمت إيران حينها الرياض بتسليمه إلى الولايات المتحدة وهو ما نفته السعودية .



وبعد شهور من تضارب التقارير حول مصيره وما إذا كان على قيد الحياة أم لا ، فوجيء الجميع ابتداء منذ مطلع العام الحالي بعدد من شرائط الفيديو التي يظهر فيها شهرام أميري ولكنه يدلي بروايات مختلفة ، ففي أحد الشرائط ، قال أميري إنه اقتيد إلى الولايات المتحدة وعذب ، وفي شريط ثان نشر على يوتيوب ، قال أميري إنه في واقع الأمر يدرس في الولايات المتحدة .



وفي الخامس من نيسان/ إبريل الماضي ، تحدث أميري في تسجيل مصور وصل بطرق خاصة إلى الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية عن ظروف اختطافه ووضعه الحالي ، وأضاف في التسجيل الذي عرضه التليفزيون الإيراني لمرات عديدة أنه موجود في مدينة تاكسون في ولاية أريزونا الأمريكية وأنه اختطف في الثالث من حزيران/ يونيو 2009 بالمدينة المنورة خلال عملية نفذتها فرق اغتيالات تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سي.آي.أيه".



وفي 7 يونيو/ حزيران الماضي ، بث التليفزيون الإيراني شريط فيديو آخر أكد فيه أميري أن الاستخبارات الأمريكية اختطفته وأنه محتجز في تاكسون في أريزونا غرب الولايات المتحدة ، قائلا :" الشريط الذي نشرته الحكومة الأمريكية على يوتيوب والذي قلت فيه إنني حر وإنني أرغب في مواصلة دراستي بأمريكا غير حقيقي".



ومن جانبها ، ذكرت شبكة "ايه بي سي" التليفزيونية الأمريكية أن أميري فر إلى الولايات المتحدة وأنه يساعد المخابرات المركزية الأمريكية.



وأخيرا ، فوجيء الجميع في 13 يوليو بإعلان باكستان أن عالما إيرانيا يزعم أنه اختطف من قبل عناصر من الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي.آي.أيه" لجأ إلى السفارة الباكستانية في واشنطن والتي تمثل المصالح الإيرانية في الولايات المتحدة وتجري طهران الاستعدادات لإعادته إلى بلاده.



وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية عبد الباسط :" سلم شخص ما العالم الإيراني إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانية ، طلب الإيرانيون منا أن نجري استعدادات لإعادة العالم إلى إيران ، باكستان يمكنها تقديم المساعدة للولايات المتحدة وإيران للتواصل مع بعضهما حول تلك القضية ".



وأضاف "لقد اضطلعنا بدور ساعي البريد بين البلدين لعقود ، ونستعد أيضا الآن للاضطلاع بذلك الدور في قضية العالم الإيراني " ، وذلك في إشارة إلى أن إيران والولايات المتحدة لا ترتبطان بأي علاقات دبلوماسية على مدى أكثر من ثلاثة عقود وتمثل سفارتا سويسرا في طهران وباكستان في واشنطن مصالحهما الدبلوماسية .



ويبدو أن التصريحات السابقة فاجأت واشنطن ، ولذا جاء رد فعلها مرتبكا ، حيث أعلنت كلينتون أن العالم الإيراني جاء إلى الولايات المتحدة بإرادته وأقام فيها بحرية ، وهو ما يتناقض مع موقف الخارجية الأمريكية السابق الذي رفض بشدة اتهامات إيران لأمريكا باختطاف أميري ، ولم ينف أو يؤكد حينها وجوده في الولايات المتحدة .



حقائق وتساؤلات



بل وطرح البعض عدة تساؤلات تفضح المسئولين الأمريكيين في هذا الصدد من أبرزها : لماذا لجأ أميري إلى سفارة باكستان إذا كان جاء إلى الولايات المتحدة بإرادته وأقام فيها بحرية ولماذا ظل مصيره مجهولا لمدة عام كامل ؟.



ورغم أن التساؤلات السابقة لن تجد إجابة قاطعة حتى وصول أميري إلى بلاده وانكشاف المستور ، إلا أن ما يجمع عليه كثيرون هو أن الظهور المفاجئ لأميري يمثل فضيحة كبيرة للاستخبارات الأمريكية وسواء كانت سلمته أو فر منها بمساعدة عملاء المخابرات الإيرانية ، فإن النتيجة واحدة وهي أنها فشلت على الأرجح في الحصول على أية معلومات منه حول برنامج بلاده النووي ، أو أن أميري لم يكن من الأساس يعرف شيئا في هذا الصدد وهو ما يؤكد سوء التخطيط لعملية الاختطاف .



صحيح أن البعض قد يعتقد أن واشنطن نجحت بتجنيد أميري ولذا تريد إرساله لإيران مجددا أو أنها حصلت على معلومات منه وتريد الآن التضحية به لاستعادة مواطنيها المحتجزين في إيران ، إلا أن هذه الأمور باتت غير قابلة للتطبيق في عالم اليوم ، خاصة وأن طهران تطالب بالإفراج عن عشرة إيرانيين آخرين معتقلين بصورة غير شرعية في الولايات المتحدة ، مقابل الإفراج عن الأمريكيين الثلاثة ، بالإضافة إلى أن أميري بعد عودته لطهران لن يكون على الأرجح في أي منصب حساس .



وتبقى حقيقة هامة وهي أن أميري لو كان تعاون مع الاستخبارات الأمريكية ما كان أحد ليعرف مصيره أبدا ليس من أجل مصلحته وإنما لأن هذا الأمر من شأنه أن يضرب مصداقية الـ " سي آي أيه " أمام عملائها في كافة أنحاء العالم .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق