Translate


الخميس، سبتمبر 09، 2010

ثقافة المجتمع



ثقافة المجتمع يقصد بها ما يسود فيه عادة من أنماط السلوك والعادات والمعتقدات والآداب والفنون والتاريخ والتراث واللغة والزي وكل ما يتصل بشيء من ذلك، وهذه العناصر الثقافية مجتمعة هي التي تشكل للمجتمع طابعاً خاصاً به يُميزه عن غيره من بقية المجتمعات. ليس هذا فحسب، بل إن ثقافة المجتمع هي التي تشكل فكر أبنائه وتحدد توجهاتهم.

ولأن المجتمعات تتعدد فيها أنواع الثقافة فإنه من المتوقع أن تتعدّد فيها أيضاً أشكال الفكر تبعاً لذلك، خاصة ما كان منه متصلاً بميادين الحياة الإنسانية الواسعة، وبسبب هذا التعدد في أشكال ثقافات المجتمعات يظهر غالباً التمايز في الفكر المنسوب إليها، فيظهر التمايز ما بين فكر غربي وآخر عربي وثالث شرقي إلخ تلك التقسيمات المتداولة بين الناس.

إلا أنه في هذا العصر بعد أن تقاربت المسافات بين المجتمعات وتلاشت الحدود الثقافية، أمكن لأفكار المجتمعات الأقوى أن تتسلل إلى المجتمعات الأضعف وأن تختلط بما فيها من ثقافة محلية فنتج عن ذلك أفكار هجين غلافها الظاهر متسم بسمة المجتمعات القوية (غالباً المجتمعات الغربية)، وباطنها معجون بالثقافة المحلية التي لها من الرسوخ والتسلط ما يجعلها تتدخل لتعيد تشكيل عناصر الأفكار المنسوبة الى المجتمعات الأقوى. ولعل هذا يُفسر لنا كيف ان المجتمعات على اختلاف ثقافاتها، تلتقى غالباً على أفكار عامة من إبداع المجتمعات الغربية كالأفكار حول الديمقراطية والعدالة والحرية والخير والحق والجمال إلخ قائمة الأفكار المتعلقة بالقيم الإنسانية، لكنها عند التطبيق لشيء من ذلك، تتفاوت فيما بينها تفاوتاً شاسعاً بسبب الاختلاف في العناصر المكونة لتلك الأفكار والتي هي من نسيج الثقافة المحلية للمجتمع نفسه. وكمثال على ذلك لو أخذنا فكرة الحرية في التربية، وهي من الأفكار التي ازدهرت في الغرب مع نشوء الفلسفات الحديثة كالطبيعة والوجودية والبراجماتية، وتسللت الى مجتمعات العالم المختلفة مع ما تسلل من الفكر التربوي الغربي، لوجدنا أن كثيراً من تلك المجتمعات تلتقي على القول بأهمية إعطاء الطلاب أو الأولاد هامشاً من الحرية يُمكنهم من الاختيار وإبداء الرأي والاعتراض واتخاذ بعض القرارات، لكن حجم ومساحة ذلك الهامش يختلف من مجتمع لاخر، فتجده واسعاً ممتداً في ثقافة الفكر الغربي الذي نبعت الفكرة منه أصلاً، وضيّقاً محصوراً في ثقافة المجتمعات العربية المقتبسة لها، وما ذاك سوى أن ثقافة المجتمع تدخلت لتشكل عناصر الفكرة حول معنى الحرية وحدودها، وقسْ على ذلك نماذج أخرى لأنواع الاختلاف في عناصر الفكرة الواحدة، حيث تتدخل في كل مرة ثقافة المجتمع لتخلق مفاهيم مختلفة لمعنى الأفكار حتى وإن اشتركت في مسميات واحدة كالديمقراطية والعدالة والمساواة إلخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق