Translate


الاثنين، سبتمبر 13، 2010

كيف تكتب مقالاً أدبياً ؟



 

أريد في البداية أن نورد وصف المقال الذي أجمله أستاذنا الكبير د. حسين بن علي بن محمد . قال: ( ولعلنا نستطيع أن نجمل وصف المقالة فيما يلي:

• قطعة نثرية محدودة الطول.

• ينبغي أن تكون متسمة بالأصالة ، بمعنى التعبير عن الذات.

• تقدم فكرة ، أو موضوعا ، أو قضية جديرة بالمناقشة.

• يبرز فيها الانفعال الوجداني.

• تحمل الإقناع ، والإمتاع.

• عباراتها واضحة ، منتقاة.

• فيها دقة الملاحظة ، و خفة الروح.



اختيار العنوان:كيف تختار عنوان مقالاتك ؟

أما اختيار العنوان، وطريقة استجلابه ؛ فهو من العوامل التي لها التقدمة في سبيل نجاح المقال. الفكرة الأدبية ، وعنوانها ؛ لا تتكلف ، ولا تصطنع ، ولكن هي هاجس الأديب في الخلوة، وشغله وقت فراغه ، وقضيته حين يتأمل ، ويتفكر .. وزاده الطبيعة الخلابة والنظرة المتأملة .. وهكذا يخرج الأديب بالفكرة الأدبية، والعنوان الأدبي المتميز.



صياغة العنوان: بعد أن تحيط علماً بفكرة مقالك، تأتي الخطوة التي بعدها: كيف تصيغ عنواناً لمقالك؟

بعد أن فهمت فكرتك جيداً ضع أقرب العناوين التي تفرضها نفسك عليك، ويحكي في نفس الوقت فكرة المقال الأساسية، لأنه سيكون بعد ذلك بدايةً لوضع أفكار مقالك ونقاطه ؛ فلا بد من العناية بفكرته ، وصياغته.



ما علاقة العنوان بفقرات المقال ؟

العلاقة وثيقة متأكدة ؛ فلن يشار إلى مقالك أنه متسلسل الأفكار ، وواضح في مقصده ، وفحواه وبنيته محكمة متماسكة إلا إذا ارتبطت فقرات المقال بعنوانه ، ووضعت الأفكار من خلال إعادة النظر ، والتأمل فيه. بعد هذا بإمكان الأديب من خلال هذه الأفكار أن ينطلق من ذلك العنوان إلى نهايته بلا مشقة.



بداية المقالة: إن من أهم ما يقال تحت هذه النقطة ؛ ما يلي:

أن تكون البداية ممهدة للفكرة ، وما يريده الكاتب ؛ فلا يصح دخول الكاتب مباشرة إلى صلب الفكرة. يجب ملاحظة أن المقدمة ممهدة ، ولا تدخل في صلب الفكرة مباشرة. واعلم أن مما يزيد المقدمة أهمية انها أصعب ما يواجه الكاتب. المقدمة الممهدة للفكرة هي التي تصنع لمسة الجمال ، والتأثير في المقال الأدبي ؛ ولن تصل إلى إجادتها ، أو غيرها من عناصر المقالة إلا بالتدريب ، وكثرة المراس.



مضمون المقال:

لن أقف عند الأفكار، وترتيبها ، وبنية المقال، وأهمية تسلسل النقاط ؛ لأنها من البدهيات والأسس التي لزاماً على الكاتب أن يكون قد عقل أهميتها ، وعنده القدرة على الوصول إليها. مما ينبغي الإشارة إليه قولاً لأحد العلماء المتقدمين سيختصر على الكاتب كثيراً من القول في معرفة الألفاظ التي يجب أن يستعملها عند الكتابة ، يحاول التعرف عليها ، والوصول إليها ، هناك ألفاطاً يعرفها الناس ،ويتداولونها ؛ فلا ينبغي للكاتب أن يستعملها ؛ لأنها مبتذلة ؛ وهناك ألفاظ لا يعرفونها ..غريبة .. وحشية ؛ فلا يسوغ للكاتب أن يستعملها؛ وهناك ألفاظ يعرفها الناس ولكنهم لا يستعملونها ؛ لأن فيها رفعة، وفصاحة فلا يستعملونها لأن لغة التفاهم التي يريدونها بينهم في مُجريات حياتهم أبسط منها ؛ فهذه هي التي تستعملها ويكون لها ثقل ، وإكبار في أذن السامع. فلا تنقع أدبك في أوحال العامية ، ولا ترتفع ، وتبالغ حتى تصل الغريب الوحشي ، وتخرج عن حيِّز الفصاحة والبلاغة. وستصل إلى هذه الألفاظ التي أرادها صاحب المقولة السابقة؛ من كثرة المطالعة في كتب الأدب المشهود لها بالذروة السامقة في عالم الأدب ، وبتميزها في حكم النقاد، ومن الأمثلة على مثل هذه الألفاظ ما استخدمه المنفلوطي في (مناجاة القمر).

كتب الأدب والتي نصح بقراءتها أستاذتنا والعالمون في هذا المجال:

(حي القلم) لـ (مصطفى بن صادق الرافعيّ).

والكتاب الآخر للعالم الكبير (محمود بن محمد شاكر) وهو مفيد جداً لمن يقرأه. ثم إن من الكتب التي تعين طالب الأدب عموماً القراءة في شعر (عمر أبو ريشة) ، وخاصة في امتلاك الصورة الفنية ، و الاستخدمات الراقية للألفاظ ؛ وقد سألت أستاذنا ، الدكتور: (عبدالله بن سليم الرشيد) بعمل دراسة على شاعر ؛ فأشار علي بـ (عمر أبو ريشة) وسأستفيد كثيرً !. والقراءة في شعر الدكتور عبد الله بن سليم الرشيد ، وكان آخر ديوان له ـ حفظه الله ـ (حروف من لغة الشمس). من (مقامات الحريري) بشرح (أبي العباس أحمد بن عبد المؤمن بن موسى القيسي الشريشي) و(البيان والتبيين) ، الجاحظ تحقيق (عبد السلام هارون). وكذلك الرجوع إلى المعاجم اللغوية ضروري لطالب الأدب ، وامتلاك سحر القول ؛ ومن أجل هذه المعاجم والموسوعات ( لسان العرب ) لـ (ابن منظور) ؛ فمن خلال هذه المطالعات حاول جاهداً أن تختزن ما يمر بك من أمثال عربية ساحرة ، أو صور بارعة ، أو ألفاظ ، وتصريفات ملفتة لتكون عدتك في هذا المضمار. وهناك فكرة طرحها أحد المتكلمين عن أصول الحوار ، وعلم الكلام - من المتـأخرين – يقول هناك بعض الأفكار تحتاج في التعبير عنها إلى الجمل القصيرة ، وبعضها إلى الجمل المتوسطة وبعضها إلى الجمل الطويلة التي تحتاج إلى نفس طويل ؛ فلن تجد الكاتب يستعمل فيها الفواصل غير المنقوطة وبعضها يكفي الكاتب استشهاد ببيت شعري ، أو مثل من الأمثال العربية ويؤدي فكرته ، ومراده من غير نقص، لهذا على الكاتب ؛لكي يكون دقيقاً في تعبيره أن يحدد ما المناسب لفكرته ؛ للتعبير عنها . . هل الجمل القصيرة ، ذات الفواصل غير المنقوطة ، أو المتوسطة أو الطويلة ، ويراعى في كلٍّ علامات الترقيم ، وسلامات الجمل من الخطأ النحوي أو الصرفي ، أو البنائي . مثال للفكرة التي تحتاج إلى التعبير عنها إلى الجمل القصيرة والمتوسطة وعموماً : كتب الأدب زاخرة بمثل هذا ، وأكثر ؛ ولكن نقب عنها بقراءة ناقدة ، وستستفيد كثيراً. ـ التنويع في استخدام المؤثرات داخل المقالة وذلك باستخدام الأساليب الإنشائية من نداء، واستفهام، وأمر، ونهي ، ونفي ، وتعجب إلى غير ذلك مما ستجده بكثرة ، ووضوح في كتب (الأدب ، وكتب النقاد الأدبيين) وأنصح - حقيقة - لمن أراد التمكن من إعمال الأساليب الإنشائية في مقالته قراءة كتاب (الأساليب الإنشائية) لـ (عبد السلام هارون)، هناك أيضاً تنويع من نوع آخر ألا وهو من المؤثرات التي لها النصيب الأكبر تأثيراً على القراء ، والمطالعين مثل التصويرات الأدبية، والتعبيرات التأملية ، واستعمال الجمال الطبيعي، واستخدام الصورة الحالمة؛ للوصول إلى أعظم أداة يستعين بها الكاتب للتأثير في القراء ، وحتى النقاد. ويجب عليك الحذر يا كاتب المقالة من النبرة الخطابية في مقالك الأدبي .. نعم ! اكتب بهدوء ، ويسر كأنك على ظهر زورق ،تسير على نهر راكد... دون أن تدفن مجدافك في ماء النهر ... لا بد أن يختم بطريقة توحي للقارئ أن الكاتب قد أدى رسالته المنتظرة منه في مكتوبه. ولكن الفكرة التي يجب أن ينتبه إليها الكاتب في خاتمة المقالة أن لايضيف فكرة جديدة تحتاج إلى تعبير ، وبسط ؛ إنما هي خاتمة ، ووداع تودع به القارئ لمقالك فلا تطرح الجديد الذي يحتاج إلى بسط ، وتناول أكثر .. فكل نهاية مقال أدبي يجسدها الكاتب ، ويصوغها تكون بحسب فكرة المقال نفسه ، والأطراف، والأفكار التي صنعها الكاتب في مقاله الأدبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق