Translate


الجمعة، سبتمبر 10، 2010

مشكلة الفقراء..؟


 
في مواسم معينة مثل شهر رمضان، الأعياد تقام التبرعات والولائم الخيرية بشكل لافت بغية دعم بعض الأسر والشرائح الفقيرة من منظور خيري. صحيح أن مجتمعنا يتسم إلى حدّ ما بالتكافل الاجتماعي الذي يخفف معاناة الكثير من الفقراء عن طريق الجمعيات الخيرية أو الأفراد الميسورين، لاسيما في المناسبات التي تستدعي مصروفاً إضافياً يكون عبئاً على تلك الشرائح الفقيرة والمُعدمة. 
لكن إذا ما دققنا جيداً بتلك الطريقة في معالجة الفقر والحاجة، فإننا نجد أن التبرعات والولائم تساعد إلى حدِّ ما في تجاوز صعوبات وقتية ، لكنها لا يمكن أن تعمل على الحدّ من ظاهرة التسوّل والتي انتشرت بكثرة في المدن الكبيرة أو مشكلة الفقر التي تجاوزت عتبته حدوداً غير مقبولة بفضل سياسات اقتصاد السوق.

إن الجهات الرسمية مثل بعض الجمعيات الخيرية لم تكن بمنأى عن ممارسة هذا النشاط، أي توزيع المساعدات الغذائية وغيرها بمناسبة حلول شهر رمضان والأعياد مثلاً. إن مثل هذه النشاطات الأهلية أو الرسمية ربما تساهم كما أسلفت بتخفيف بعض العبء الوقتي الذي توّلده مناسبات معيّنة في السنة، لكنها تبقى في إطار التخفيف، ولم ولن تصل لدرجة الوقوف في وجه براثن الفقر المؤلم حدّ الجوع.

فما نلمسه من تنامي ظواهر اجتماعية سلبية كالتسول الذي تزداد وتيرته في هذه المناسبات يعكس مدى ما يمكن أن يناقض فاعلية وجدوى هذه التبرعات والمعونات الآنية التي لا يتعدى مفعولها مؤونة أسبوع على أبعد تقدير، وربما شراء ملابس للأولاد فقط .
فهل بحثنا عن آليات مساعدة أكثر فاعلية للمتبرِع والمتبَّرَع له على مدار العام ( الجمعيات الخيرية - الوقفية) من مثل إيجاد عمل لأحد أفراد الأسر الفقيرة ( الأب، الأم، أو أحد الأبناء) في المنشآت والمعامل الخاصة، بحيث يتمكن من إعالة أسرته دون الحاجة إلى تبرعات الجهات الخيرية، والتي يُفترض أن تقتصر على كبار السن والمرضى الذين لا معيل لهم.
ومن ثمّ استثمار الأموال التي يتمّ التبرّع بها في مشاريع صغيرة تعود بالفائدة العملية على الفقراء بشكل يحفظ لهم كرامتهم ويدفعهم أكثر باتجاه العمل بدل الاتكاء على تلك المعونات، فما تمّ التصريح به عن الأموال التي رُصدت لهذه الغاية، فقد بلغت الملايين إن لم يكن أكثر، هذا على الصعيد الخاص.
أما على الصعيد العام - الحكومي، فإنه يتوجب الالتفات أكثر إلى وضع الشرائح الفقيرة التي لا تجد قوت يومها مما يضطرها إلى سلوكيات تُهين إنسانيتها بشكل أو بآخر. كما يجب التركيز ايضا على المناطق النائية والبعيدة الذين تضطر متطلبات الحياة لهم إلى هجر أراضيهم والتوجه نحو أطراف المدن الكبرى ليعيشوا معاناة الغربة وعن تأمين العمل في ظل البطالة القائمة، وأيضاً تسرب الأولاد من المدارس مما يؤدي لازدياد الجهل والأمية بما تعنيهما هاتين الحالتين، إضافة إلى مشكلات اجتماعية لا تُعد ولا تُحصى.
فلماذا لا يتم تثبيت هؤلاء القادمين الجدد في قراهم بدل السلال الغذائية التي لم تستفد منها كافة الأسر التي يُفترض أنها من حقها، وذلك عبر تقديم القروض الميسّرة والمنح المالية التي تساعدهم على استقرارهم، مثل انشاء المحميات الزراعية التي تساعد الوطن في التقليل من الواردات الزراعية وكذلك خدمة الى المدن الكبيرة المجاورة في تقديم المنتجات وفي نفس الوقت تمنع اهالي القرى الحاجة والتسول والمحصلة هي الاستقرار الاجتماعي الذي يساهم في استمرارية التعليم الذي تُبنى عليه عوامل تقدم كبيرة.
وهناك موضوع في غاية الأهمية، وهو ذلك الجنون الهستيري لارتفاع الأسعار كافة في ذات المناسبات التي ينشط التبرّع فيها، حتى بات المواطن يرتعد خوفاً لمجرد قرب حلولها عليه، لأنها تشكّل عبئاً مالياً لا يمكن للراتب أن يسد ثغراتها. فلماذا لا تقوم الحكومة بتحديد الأسعار مسبقاً وضمن القوّة الشرائية للسواد الأعظم من الناس محدودي الدخل ؟
لماذا ينفلت السوق من عقاله بطريقة مأساوية تحوّل المناسبات السعيدة إلى مناسبات حزن وهمّ لتلك الأسر.؟ وهل هذه المعونات والتبرعات تبرير ودعم لغلاء الأسعار الواجب في كل مناسبة كي تمتلئ صناديق التجّار..؟ بمعنى أن هذه التبرعات تعود إلى جيوبهم ثانية من خلال حركة وأسعار السوق الخيالية.

ألاّ يمكننا إيجاد بدائل أكثر عدالة وإنسانية تخفف عن المقهورين والمحرومين في المجتمع..؟

ايمان احمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق