Translate


الأربعاء، أكتوبر 06، 2010

خليج الأجنحة المتصارعة!




بقلم خالد حسن

"المشروع الإصلاحي" يلفظ أنفاسه في البحرين ويراوح مكانه في السعودية ويقمع في مصر ومصادر في سوريا، والقاسم المشترك بين هذه الدول وغيرها من بلاد العرب، أنها ما عادت قادرة على فعل شيء يرفع الغبن عن شعوبها ويعيد لها كرامتها ويحسن أوضاعها.
تنويم وهروب وخداع أبصار وبيع كلام وخطب وتسويق أوهام، إفلاس قحط وعقم، ثلاثية تطارد هذه الأنظمة أينما ولت.
ليس ثمة ما يلتف حوله الناس في ديار العرب، وأكثر الحديث يدور حول الدلائل والمعلومات عن صراع الأجنحة: واحد معتدل ومتفهم ومؤيد للحلول السياسية، لكنه يتعرض للمحاصرة، وهناك الجناح المتشدد الرافض لأي حوار والمؤيد للقبضة الأمنية، وجناح ثالث، بعيد عن الاثنين السابقين، وهو مشغول بالمسائل التنفيذية، وصلاحياته محدودة.
الأشخاص يصنعون الأجنحة ويرسمون التوجهات ويضعون بلدا بأكمله على صفيح ساخن، والأمة مبعدة، لا تملك رأيا ولا قرارا في أكثر قضاياها خطورة وأهمية. جناح هو الآمر والناهي، واستطاع أن يحجم باقي التوجهات، وآخر بين هبوط وصعود، وكأنه ليس في هذه البلاد عقول ولا علماء ولا صناع رأي ولا مؤثرون.
أليس من العار أن نعيش سنوات الفشل والضياع والتيه، وليس لنا إلا متابعة أخبار صراع الأجنحة، بينما المؤسسات والهيئات غير معنية سوى بإقرار ما يريده النظام أو بالأحرى صناع الأجنحة والتوجهات.
كيف لشخص أو جناح أن يدير بلد، ويخضعه لمزاجه وأهوائه، يتكلم بعض طلبة العلم عن أهل الأهواء والموقف منهم، وهم في الغالب إما فرق انقرضت أو أقليات محدودة التأثير، بينما لا يتكلمون عن صاحب هوى يقرر حاضر ومستقبل بلد بأكمله؟
وهناك مجموعة من المثقفين والوعاظ وطلبة العلم والمتحدثين، ربما تتسع دائرتهم يوما بعد يوم وقد تضيق مع استعادة الوعي، يقتاتون من غبار معارك الأجنحة وتدافعها وتنازعها، وبعضهم أتقن الصنعة، والأعجب أن ما تراه في كثير من الأحيان وتسمع عنه من صياح وجدل ونفرة إنما هو لحساب جناح في مواجهة آخر، فأصبح لكل جناح جيش من الموظفين والمتطوعين والمتزلفين.
يتحدث بعض المراقبين عن "انقلاب أبيض" على الإصلاحات السياسية في البحرين بما يعيد رسم الخطوط الحمراء، والوضع مرشح لعودة زمن حكم أمن الدولة، ويبدو أن أي محاولة للانفتاح السياسي في الخليج معرضة للإجهاض أو النسف من الداخل، لأن هناك من صناع القرار في الخليج من يمارس وصاية "الزعيم" ونفوذه وطغيانه لإعاقة أي توجه نحو حكم ديمقراطي. ولكن لمصلحة من توأد مثل هذه التجارب؟ لمصلحة الحكم الشمولي.
وبعبارة أدق، هناك استماتة بل إنها قضية حياة أو موت بالنسبة لبعض المتنفذين من صناع القرار في الخليج لمنع إقرار دستور تعاقدي واعتماد الاختيار الحر، وأدواته في هذا لا تخطئها العين، بعضها معهود كالقمع والكبت والمصادرة، وبعضها ـ وهو في تقديري ـ أشد وأنكى، ونعني به اعتماد سياسة الإلهاء عبر إشغال البلد بقضايا هامشية وتشجيع المعارك الجزئية المستنزفة وصناعة الأعداء والخصوم والتسلي بموضوعات هي أقرب للترف الفكري، والخائضون في الإلهاء كثر، وبعضهم ممن تحترم عقله وفكره وعلمه.
وكل جناح يشبه ذئبا يعوي في اتجاه ما، وما عليك إلا أن تُبقي ذهنك فارغا خاليا من أي "فكرة تحريضية" كالحرية، وأن تنقي عقيدتك من الكفريات والشركيات، وفي مقدمتها "الديمقراطية".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق