Translate


الاثنين، أكتوبر 18، 2010




يوسف الكويليت

أمريكا تدرك أن السيادة الوطنية للعراق أمرٌ لا تقرره الدولة الراهنة، ولا غيرها إذا كان الموضوع يتعلق بأمور تعيد سيرة فرض اتفاقات المهزومين، لكن أمريكا ليست في الوضع الذي فرض أن تكون لها السيادة المطلقة على اليابان وألمانيا، وفتح قواعد عسكرية في العديد من الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى ما يجري مع دول أوروبا الشرقية المتحررة من الاتحاد السوفياتي التي أضافت لها قوة جديدة بأن تكون شبه فضاء مفتوح لها أمام روسيا، قد لا يتكرر في العراق، ولو كان مضطراً لهذه العقود حتى يبقى موحداً غير أن بنود الاتفاقية ليست بالوضوح الذي يجعله القاعدة الأكبر في أكثر المناطق حساسية في المنطقة العربية..

قطعاً هناك الوضع الداخلي، وهو منقسم على نفسه بولاءاته المتغيرة والمتحاربة، أصلاً، على فرز الهوية، وهذه النقطة تشكّل الضعف المباشر للعراقيين لأنه لا وجود لضمانات بأن تُرفع شعارات التحرر، وإنهاء التواجد العسكري الأمريكي طالما الشكوك تتوالى بأن البعض مع الاتفاقية إذا كانت وسيلة حماية، والبعض الآخر يراها قوة استعمار، وثالث يراها حليفاً ووسيطاً ينفذ مشاريعها المستقبلية، وإيران طرف، كما هي تركيا، وهما دولتان إقليميتان لهما دور في الملف الأمني العراقي ..
الخسائر المادية الأمريكية هي رقم المعادلة، وإذا ما أضفنا لها شبه الهزيمة العسكرية لتنفذ مشروعها ما بعد أحداث 11 سبتمبر، فهي تريد بطاقة تمويل مجانية من نفط العراق، وهذا لا يتأتى في وضع متغير داخلياً، كما هو خارجياً، وإذا ما كانت الديموقراطية تعني سيادة الشعب على مقرراته من خلال دساتير وبرلمان منتخب بشكل حرّ، فإن التصويت على الاتفاقية يبقى شأناً عراقياً، لكن دخول المزايدات بين الفصائل المتنازعة لازال يعطي لأمريكا الأفضلية بفرض شروطها ..
فالعراقيون، أو بعضهم، خرجوا من تجارب بدأت بالخمسينيات وحتى زوال حكم صدام بحصيلة كلفتهم الكثير، وهم الشعب المنفي الأكبر في العالم، رغم موارد بلادهم الكبيرة، وهنا لابد من "أفعل التفضيل" هل أمريكا وتواجدها بالعراق أفضل من الحكومات السابقة، أم أن وهم السيادة في ظل منافسات متكررة على السيادة الوطنية، خياران كلاهما مرّ، وبالتالي فأمريكا هي الأرحم قياساً لدولة تقوم على الفئوية، أو الطائفية والعشائرية، وأنه من المستحيل التوفيق بين فصائل تجد نفسها خارج مفهوم الدولة الوطنية؟
صحيح أن أمريكا ساهمت في بناء أوروبا وفرضت سيادة الدستور على ألمانيا واليابان، وأعطت كوريا الجنوبية زخم الوطن المتقدم، ورعت دولة إسرائيل بعد زوال دعم بريطانيا وفرنسا لها، لكن هل يبقى القبول الشعبي صحيحاً وأنه لا توجد فئات وطنية لديها مخزون قومي وثقافة السيادة والاستقلال، وأن الممارسات لأمريكا سيئة السمعة دوافعُ لأنء تنتكس العملية إلى مضاد معاد، وأن الديموقراطية الزائفة هي غشاء يخفي استثماراً آخر بأدوات عامة جديدة؟؟


جريدة الرياض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق