Translate


الأربعاء، أكتوبر 20، 2010

أهمية اللغة العربية



كتب: محمد عواد كاتب وباحث في مجال الادارة والتنمية

كثيرا ما ندخل بعض مؤسساتنا المحلية من أجل مقابلة وظيفية، ونتفاجئ أن الامتحان الاول امتحان مستوى للغة الانكليزية والامتحان الثاني امتحان ذكاء باللغة الانكليزية والمقابلة باللغة الانكليزية، اما المصطلحات أثناء المقابلة أيضا باللغة الانكليزية. موقف نشاهده يوميا في عالمنا العربي والحجة دوما أن الانكليزية هي لغة العلم ولغة العالم.
بداية أتفق مع من يقول بأهمية اللغة الانكليزية، فهي ضرورية للغاية من أجل عملية البحث ونقل المعرفة والعلم. لكن ما لا أفهمه ولن أفهمه أن نتكلم معا داخل المؤسسة الواحدة العربية بلغة انكليزية ونحن جميعا عرب، وما رأيته في المانيا أن الالمان لا يتكلمون الا بالالمانية فيما بينهم ، فالسؤال الآن لمن يريد نسيان العربية هل الألمان أصحاب أحد أقوى اقتصادات العالم مخطئون بطريقة إدارتهم للعمل؟.
ومن أجل تجنب نقاش بيزنطي بين من لا يريد حرفا عربية في مؤسسته وبيني وبين من يملكون نفس وجهة نظري، كان هذا المقال المستند على عدة حقائق لترد على من اراد التغريب الكامل في أمتنا العربية.
1- هوية المجتمع تتحدد بعدة عناصر أهمها اللغة، وغياب اللغة يعني انسلاخ المؤسسة عن المجتمع وضياع هويتها وظهورها بهوية مختلفة، هذا الانسلاخ سيؤدي إلى الفشل في فهم احتياجات الزبائن والسوق والذي سيؤدي مع الزمن إلى ضعف في النمو وخسارة في حصة السوق. هذه النقطة واجهت مؤسسات كثيرة نعرفها ونظرا لاصرارها على نسيان لغتها خسرت سوقها، ومن أشهر الأمثلة على هذه المؤسسات بعض شركات الطيران التي أصرت على الهوية الانكليزية ونسيان لغتها العربية مما جعل الشركات الأجنبية تستطيع الفوز بحصص كبيرة في أسواقها.  وبعد هذه الخسارة بدأنا نسمع هذه الشركات تذكر مواطنها بأنها ناقله الوطني ولكن للأسف بلسان أعجمي.
2- اللغة الوطنية، واللهجات المحلية مرتبطة دوما بوجود شعب ما ينطق تلك اللغات بلهجاتها المختلفة، وتطور هذا الشعب يعتمد دوما وفقط على تطور لغته، ومن أجل ذلك نجد أن اللغة الوطنية هي اللغة المعتمدة في التدريس على جميع المستويات، وفي التسيير الإداري، وفي القضاء، إضافة إلى التواصل بين شرائح المجتمع إلى جانب اللهجات المحلية. ومن يأتي ليطلب منا غير هذا فإنما يطلب منا بالقضاء على المستقبل من أجل ربح قصير الأجل.
3- القيم الدينية والعادات والتقاليد مرتبطة ارتباطا دائما وكبيرا مع اللغة، فإن تغيرت اللغة لا بد من تغير القيم والعادات والتقاليد، وهذا ما يجعلنا نجد أن كافة المؤسسات التي قضت على عروبة لسانها إنما هي مؤسسات لا تحمل قيمنا ولا تحمل عاداتنا فلا أدري لماذا يجب علي أن أكون زبونا لها.
4- انتصارات الشعوب وتاريخها حققه دوما شعب ينطق بلغته لا بلغة من يهزمه، ونفي هذه اللغة يعني نسيان هذا الانتصار وفقدان الثقة بالنفس وتبعية مطلقة، وهذا بالضبط ما جعلنا نرى مؤسساتنا الكبرى التي نسيت لسانها العربي تابعة لمؤسسات غربية تشتري منها ما تبيعه لنا وتقول لنا هذا نتاجي. وهذا ما يجعلنا نرى تفوق شركات يابانية وايرانية والمانية لأنها بكل بساطة تمسكت بلغتها وافتخرت بوطنيتها.
وليعلم من لا يريد لغته أنه لن يرى انجازا من موظفيه وابتكارا، وانما فقط نسخ وسرقة فكرية يغلفها تسويق على أن ما يجري إبداع، واراهن على أن تأتي لي احدى الشركات أعجمية اللسان بمثال ينفي ما أقول.
5- لسان انكليزي في المؤسسة يعني مواقع انكليزية على الانترنت وصحف ومجلات انكليزية، هذه الحقيقة هي الانسلاخ عن المجتمع وتغيره وتطوره، ومن هنا لم يكن غريبا أن تجد مواطنا يعرف أخبار بلده من أجنبي بجانبه ولنا أن نتخيل قدرة موظف لا يعرف مجتمعه وظروفه على التعامل معه والنجاح عمليا فيه.
6- في مقال الكتروني لرجل في برلمان أميركا دولة العولمة والتي يركض خلفها الجميع بلغته الانكليزية، هذا الرجل هو بوب جودلات قال فيه ما ملخصه: " ليس هناك قضية أكثر حرجا وخطورة على تطور من أميركا من تعليم افرادها الانكليزية من أجل توحيد هذه الأمة، وإن خلق لغة أخرى بجانب لغة الدولة الرسمية سيخلق تعقيدات اقتصادية كبيرة للشركات من حيث تعاملها بلغتين وكذلك مصاريف ضمان الدقة في كلتيهما". كلام واضح انفصام في شخصية الشركات نتيجة الأنكلزة للأسف.
7- الموظفون في الشركات الأخرى لا يحبذون التعامل مع شركات لسانها انكليزي، وهذه القضية ليست بحاجة لاثبات فنحن نسمع سخرية يومية من اولئك المتصلين هاتفيا ليقولوا لك بداية "هاي"، وردّ أصبح منتشرا على لسان شبابنا الواعي بقوله و"عليكم الهاي"، رد كله رفض لهذه الطريقة من التعامل.
فلا أفهم كيف لهذه المؤسسات أن تنفق مالها من أجل مهارات الاتصال وهي تفتقد أهم شيء له، الذي كان وسيبقى بالتأكيد لغة الدولة ولغة المجتمع وفي بلادنا هي اللغة العربية.
هذه النصائح السبعة لكل مدير قبل أن يتخذ قرارا قصير النظر بانكلزة مؤسسته، ولنرَ ببساطة ماذا فعلت لهم لغتهم هذه عند الانهيار السريع في اواخر عام 2008، لكن نقول تعلم اللغة الانكليزية مهم جدا للتعامل مع المؤسسات الاجنبية وليس للتعامل مع أبي وأمي بلسان هاي وباي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق