Translate


الجمعة، أكتوبر 22، 2010

المدير الجديد ورسم مستقبله


من المديرين الجدد يبهر زملاءه ومرؤوسيه بحسن أدائه وتفانيه في الشهور الأولى من انضمامه إلى العمل، وهناك من تكون بدايته مخيبة للآمال. تميز المدير في عمله بالشهور الأولى ليس ضربة حظ وإنما هي أخذ بأسباب التفوق، وهي بداية مبشرة بالخير في المضي قدما على طريق النجاح.
ويدرك هؤلاء المديرون الجدد أن أسرع طريق نحو التفوق يكون بزيادة حصيلة معلوماتهم عن الإدارة وطبيعة عملها، وأبرز العاملين فيها، وأن أسهل طريق إلى ذلك لا يكون بالاستعراض الكلامي لخبراتهم السابقة بل بالإصغاء الجيد إلى جميع الزملاء الجدد، خاصة كبار الموظفين منهم أو القدامى، فهؤلاء هم مصدر مهم للمعلومة وما وراء المعلومة من خفايا يجهلها صغار الموظفين.
المدير الجديد في عيون زملائه هو صفحة بيضاء فكل ما يقوم به في بداية انضمامه للعمل يترك انطباعا أوليا عنه، قلما يزول من مخيلة الناس، وعليه فجدير به أن تفادي كل السلبيات التي كان يمارسها في عمله السابق، وأن يركز على نقاط قوته لكي يؤثر بسرعة في محيط عمله فيكون ذا قيمة مضافة لا يستهان بها. على سبيل المثال، إذا كان اشتهر بتأخره الدائم عن العمل أو شدة عصبيته أو عدم تحضير للاجتماعات المهمة أو أنه ممن لا يعتمد عليهم، فحري به الا يسمح لهذه الصورة السلبية أن ترتسم في أذهان زملائه الجدد، وذلك من خلال جده واجتهاده، وما أكثر من نجحوا في ذلك، لأنهم أدركوا أن كل موظف في العالم لابد أنه مر بسلسلة من الأخطاء البسيطة أو الفادحة، غير أن من شقوا طريقهم نحو المجد الوظيفي هم الذين استفادوا جيدا من ماضيهم وخبراتهم المتراكمة.

قلب الإدارة
أحيانا يظن المدير واهما أن استعانة الإدارة العليا به، تشفع له أن يقلب الإدارة رأسا على عقب بحجة التغيير الجذري، فيفاجأ بمواجهة ثورة احتجاج داخلية، لأن كثيرا من الناس وإن كانوا أكفاء ومنتجين فمن حقهم أن يخشوا التغيير المفاجئ، لأنه يهدد مستقبلهم الوظيفي، خاصة أولئك المغلوب على أمرهم الذين لا يحسنون استخدام سلاح الواسطة الفعال في بيئة الأعمال العربية، للأسف الشديد.
ومن الصفات المبشرة بالخير في المدير الجديد ويسر لها المسؤولون هي أن يكون تواقا إلى الإنتاج مكبا على عمله بإخلاص وتفان، لا ينتظر أن يطلب منه أحدا أن يعمل بل يبادر طواعية الى اقتناص كل فرصة ممكنة للمشاركة في تحقيق إنجاز يبهر زملاءه ومسؤوليه.
ويتوقع من المدير الجديد أن يكثر من الأسئلة حتى وإن كانت بديهية. وللذين يتحرجون من طرح الأسئلة يمكنهم أن يطلبوا اللائحة الداخلية التي تبين الصلاحيات الإدارية والمالية وحقوق الموظف وواجباته وغيرها من إجراءات العمل. وإذا كان المدير يعمل في القطاع الخاص فيفضل أن يقرأ بتمعن بطاقة الوصف الوظيفي أو ما يسمى Job Description لكي يعرف ما يراد منه تحديدا القيام به في هذه الوظيفة. وللأسف الشديد فإن هذه البطاقة المهمة تغيب عن مؤسسات حكومية وخاصة عريقة، وليس أمام المدير الجديد، في هذه الحالة، سوى أن يستمع إلى ما يراد منه عمله شفهيا من مسؤوله المباشر، رغم ما يعيب ذلك من احتمالية الخطأ أو سوء الفهم!

محط أنظار
المدير الجديد هو محط أنظار الجميع لأنهم يتوقعون منه تغييرا ملحوظا في أداء الإدارة. غير أن هذا القادم الجديد كثيرا ما يكون عرضة للوقوع في جملة من الأخطاء تخيب آمال زملائه ومرؤوسيه، ومنها: عدم تركيز جهوده (في الشهور الأولى) على إنجاز بضعة أمور محددة يمكن أن يشار إليها بالبنان كإنجازات قابلة للتحقيق في مدة قصيرة. فآمال المدير غير الواقعية في تحقيق نجاح على مختلف الأصعدة قد تتحطم على صخرة الواقع وضيق الوقت. ولو أنه ركز على بضع مشكلات تواجه الإدارة لكانت نسبة نجاحه فيها أعلى بكثير، خاصة إذا ما أحسن اختيار فريق العمل. ويفضل أن يكون الفريق من الموظفين الحاليين، لا أن يحضر أفرادا من خارج الإدارة ليترأسوا أو يحلوا محل الموظفين الحاليين، الذين هم أهل مكة وأدرى بشعابها كما يقال.
وإذا كان استقطاب المدير للوظيفة الجديدة من أجل هدف معين فإنه يتوقع منه أن يشرع فورا في العمل على ما هو متوقع منه، لا أن ينشغل في أمور إدارية بحته أو أخرى ذات طبيعة سكرتارية.
ومن البديهي والمهم أيضا أن يتجنب المدير الجديد الدخول في مواجهة مع الكبار الموظفين أو ذوي الأقدمية في شهوره الأولى. وذلك لأن الصدامات والمعارك الكلامية تثبط من عزيمته وتولد بغضاء وضغينة لا يتمناها أي مدير جديد. لذا فإنه من الأهمية بمكان أن يعتبر السنة الأولى فرصة لمتابعة الموظفين البارزين الأكفاء عن كثب (بغض النظر عن مناصبهم) لكي لا يهضم حقهم فيتسرع بنقل أحدهم أو التقليل من صلاحيات آخر وغيرها من أمور تربك العمل والعاملين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق