Translate


السبت، أكتوبر 02، 2010

كمبيوتر






كعادته، أول كل شهر، عاد إلى البيت متوتر الأعصابّ، متجهم الوجه .. يكلّم نفسه.
قال لزوجته وهو يضع في يدها بعض النقود:
- هذا ما بقي من الراتب. دفعت للبقال واللحام وأجرة البيت، و ... وعلينا أن نتدبر أمورنا ثلاثين يوماً بهذه القروش القليلة.
تناولتها الزوجة بقرف، وقالت:
- ماذا نفعل بها؟ مصروف البيت، والالتزامات التي أجلناها!. والديون.. و...!
قاطعها بقناعة يائسة:
- ما الجديد في الأمر؟! هذا حالنا دائماً. اعتدناه حتى مللنا الحديث عنه.
قالت الزوجة:
- جارتنا .. بالأمس اشترت سوارين من الذهب، وزوجها موظف مثلك.
ابتسم الزوج ولم ينطق بكلمة.
أضافت: وفي الشهر الماضي غيرت أثاث البيت.
صمتت لحظة ثم أضافت:
- تقول جارتنا إن زوجها لا يمد يده إلى المال الحرام ..
قال بنبرة حادة:
- دعينا منها ومنه.
ألحّت قائلة: لماذا لا تحاول أن تحسّن ظروفك؟!
نظر إليها بغضب، فاستدركت:
- لا أقصد سوءاً .. ما أعنيه، هو أن ننظم مصروف البيت.
- كيف .. ؟
- أنت تعمل في قسم الكمبيوتر، وهذا الجهاز، كما أسمع، ينظم موازنة الدائرة بكاملها. فلماذا لا ينظم لنا موازنة البيت؟
قال لها: أنت تمزحين.
قالت: لا. أنا جادة فيما أقول .. نكتب قائمة بالدخل، والنفقات الضرورية .. الضرورية فقط ... يعني أجرة البيت، والطعام واللباس والماء والكهرباء، ونضيف إليها، بصورة تقريبية، ما قد ندفعه للطبيب، والدواء، والحالات الطارئة. ونلقنه هذه المعلومات.
ضحك الزوج وقال ساخراً:
- يا امرأة.. حتى الكمبيوتر يعجز عن الموازنة بين الدخل والإنفاق، لموظف مثلي وأسرة مثل أسرتنا. كم مرّة حاولنا ذلك بالورق والقلم وفشلنا!.
وتحت إلحاحها الشديد، وافق على طلبها. فكتبت كل المعلومات المطلوبة، وقالت له:
- أدخل هذه البيانات في الجهاز .. لعلّ وعسى.
هاله ما رآه من أرقام، فقال ساخراً:
- ربما نسيت شيئاً .. تذكّري.
قالت مستدركة: نعم .. نعم، أريد أن أضيف إليها ...
قاطعها وهو يطوي الورقة ويضعها في جيبه:
- لا تضيفي شيئاً. هذا يكفي.
في اليوم الثاني .. سُمعت، في قسم الكمبيوتر، ضجة كبيرة، وصرير وأنين، ويقول بعضهم إنه سمع بكاء وعويلاً، تلاه انفجار عنيف ودخان كثيف، وألسنة نيران عجزت فرق الإطفاء عن إخمادها.


حكايات ساخرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق