Translate


الجمعة، ديسمبر 10، 2010

الصناعة الغربية للإرهاب



بقلم: نزار العبادي - صحيفة الجمهورية

يعترف العالم العربي والإسلامي بالعديد من المسببات في صناعة التطرف والإرهاب, ومعظمها ذات منشأ اقتصادي أو اجتماعي, غير أن أحداً لا يكاد يجد تفسيراً لنشأة التطرف خارج تلك الظروف, وفي بلدان قطعت أشواطاً طويلة جداً في تطورها العلمي والاقتصادي والثقافي, علاوة على تجاربها الديمقراطية الراسخة كما هو الحال مع أوروبا وأمريكا. 
ففي دول أوروبية عديدة تنامت الدعوات العنصرية المتطرفة ضد المسلمين, وبلغ تأثيرها حد تبني حكوماتها قرارات تلبي تلك المطالب العنصرية على غرار إقدام عدة دول أوروبية بحظر الحجاب الإسلامي في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية, بينما في اسرائيل وقع مؤخراً أكثر من 300 حاخام يهودي على وثيقة تدعو إلى طرد العرب من القدس.. وفي أغلب الأحيان ظل هنا تمييز عنصري ضد العرب والمسلمين في المنافذ الجوية والبرية لدول أوروبا وأمريكا, خلافاً للمعاملة الكريمة التي يتلقاها الأجانب عند دخول أي بلد عربي مسلم. 
ورغم الحقائق الدامغة حول التطرف لدى الغرب, مازال العالم يتحدث عن اليمن أو غيرها بوصفها بلداناً حاضنة للإرهاب في الوقت الذي يتجاهل أن أبا حمزة المصري المسئول عن اختطاف سياح أوروبيين في (حطاط) بأبين وقتل 12 منهم يعيش في بريطانيا ويحمل جنسيتها, وأن الطالب النيجيري الذي حاول تفجير طائرة أمريكية مؤخراً يعيش ويدرس في بريطانيا, وأن أنور العولقي المتهم بضلوعه بمقتل عدد من أفراد قاعدة عسكرية أمريكية, وكذلك بعلاقته بالطرود المفخخة قد تربى في أمريكا منذ نعومة أظافره ويحمل جنسيتها.. والقائمة تطول جداً حول قائمة الإرهاب بالذين صنعهم الغرب ثم دفع ثمن إجرامهم العرب. 
الحقيقة المؤلمة هي أن العالم بأسره يؤمن أن الإرهاب صناعة فكرية قبل أي شيء آخر, لكنه حين يجري الحديث عن أبي حمزة المصري والنيجيري والعولقي وغيرهم يبرر سلوكهم بأنه حريات ديمقراطية وأن أي دولة لا قبيل لها بمنع أي خطيب يطرح ما يشاء من أفكار وآراء ترتبط بمعتقده الديني..!. 
 إذن كيف تكون الصناعة الفكرية للإرهاب إن كانت الخطب والمحاضرات والندوات والمنشورات والمطبوعات المختلفة التي يروجها المتطرفون في أحضان الغرب مجرد حريات تعبير وممارسة ديمقراطية..؟!. 
إن ما يمكن ملاحظته في الخطاب الإعلامي الغربي هو أنه المسئول الأول عن التبرير للجماعات المتطرفة, وتهيئة المناخات الآمنة لممارستها التعبئة الفكرية وأيضاً في الترويج لها, وصناعة نفوذها في ساحة الرأي العام.. وبالتالي فإن العناصر الإرهابية لم تعد تكترث لنوع هجماتها وحجمها طالما أن الغرب سيعمل على تهويلها وتضخيمها وتحويل انتكاساتها إلى انتصارات ساحقة أسوة بما يقوم به تجاه اليمن. 
ففي اليمن منيت القاعدة بهزائم ساحقة لم يسبق أن تكبدتها في أي بلد آخر, مع هذا فإن الغرب مازال حتى هذه اللحظة يتحدث عن أهوال القاعدة في اليمن ويبعثها من الأجداث كل يوم لصرف أنظار العالم عن الإخفاقات الأمريكية والأوروبية في أفغانستان والعراق, وللهروب من المساءلة الداخلية الشعبية حول حقيقة أدواره في نشأة الإرهاب واحتضان الجماعات المتطرفة على أراضيه, وتوفير الغطاء القانوني لأنشطتها. 
 وقد اعترفت السيدة هيلاري كلينتون في إحدى مقابلاتها بقلقها من تحول بريطانيا إلى أهم المصدرين للإرهاب إلى الولايات المتحدة, لكن للأسف لم تحظ تلك التصريحات بترويج سليم لا من العالم العربي ولا الغربي, لأن هناك من يحرص كل الحرص على بقاء تهمة الإرهاب لصيقة بالعالم الإسلامي. 
إن علاقة الحكومات العربية والاسلامية بالغرب مازالت تنقصها الصراحة والشجاعة, فلا يكفي أن تدين الحكومات الإرهاب وتبذل جهوداً في ساحاتها المحلية لمكافحته, بل يجب أن تضع الغرب في الزاوية الحرجة وتطالبه بالتزامات حقيقية جادة بعدم احتضان الجماعات المتطرفة وتصدير إرهابها إلى عالمنا, فليس من العدل أن يسمّى أنور العولقي مواطناً أمريكياً طوال حياته, وحين يرتكب جرماً يتحول إلى مواطن يمني يتزعم الإرهاب!!. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق