Translate


الأحد، ديسمبر 12، 2010

أسرار جنسية - رجوى

الكاتبة: د. لمى نور الدين محمد

امرأة برائحة الخبز ترقص في تنور داخلي، غير مهتم بصوت فرقعة الرغيف .. أحرقتها و مازالت تقوتني ... خطرت لي جميع الأفكار الغبية التي تحثني على الانتقام لذلك الجمال الذي ملكه هو يوما ثم بصق عليه .. هذا ما بدأت به (رجوى )حديثها، عندما فتحت قلبها لي للمرة الأولى، وكانت تبكي ..
-هل أحسستم مرة بالبكاء ؟ لطالما بكى ناس أمامي فحزنت و لكنها المرة الأولى  التي أحس فيها بالبكاء يجتاحني ، يؤلمني ، يحرض عيناي فتدمعان .. أحسست أن الدمع لا يتسرب من عينيها بل من روحها ..
من مكان ما فيها أسميته قهرا. القهر لا يولد معنا ، بل يتبرعم فينا بعد نكبات عدة و ظلم لم نقو عليه ، عندها يصبح للبكاء معنى آخر فيحسه الآخرون.
قالت لي: لم تكن حرب طوائف كما بشر أهله ولا كان هو الفارق الثقافي كما برر أهلي .. لكن السر الزوجي الليلي هو السبب ، صدقيني .. 
- كانت كلمة الجنس مطروقة جدا في كتبي الطبية، وكنت طبيبة  نفسية تدرك تماما أن الغالبية الساحقة لحالات الطلاق سببها جنسي، لكنني  دهشت تماما أن رجوى التي تنافس فينوس و أفروديت في جمالها تتطلق لسبب جنسي!  
أما هو فقد قابلني بشكل جدي مبررا قدومه لعيادة نفسية : 
أهلاس هي .. مجرد تمتمات حلم ، لن تصبح حقيقة أبدا، لأنها خيال .. ليست خيالي،  لأنني مسكون بشبح آخر، شبح امرأة برائحة الرغيف... تابع متلعثما: الرياح تصفر في داخلي كزوبعة، أحس بها وقد قطعت كل السبل، لم تترك إلا ما يشدني إلى تلك الخيمة، في مفترق طريقي الصحراوي،يطيرني إلى دفء الفرح ... حاربتها عائلتي .. أعلنتهم أعداء لأنهم رفضوا ذلك الرجل، أعلنتهم منافقين لأنهم عبروا عن طائفية ما كنت ألحظها سابقا ... لم يكن هناك حفل زفاف ولا حتى فستان فرح .. هربت معه .. أربع سنوات في الجامعة، وثلاث في الدراسات العليا، ولم أر سلبيات  ذلك الفارس الذي سحرني بأناقة مفرداته، وأغواني بفيض اهتمامه .. 
عندما اهتز السرير بنا للمرة الأولى ناداني فرح ... ظننت أنني متوهمة متوجعة ولم أعر الأمر أية أهمية، لكن ومع اندمالها جراحي الجسدية، بدأت أوجاعي .. وبدأت "النق"  كما كان يشتكي .. كنت أحسه يستخدم جسدي ليتذكرها ، ابتعدت كرامتي عنه وازدادت الهوة بيننا اتساعا .. درت في تلك الحلقة الضيقة حتى دخت، عندها تمردت: أيتها الحلقة مللت استدارتك حول ضعفي .. لن تتصيري مربعا ، لكنني سأمسي قوية، و طلبت الطلاق ... نفسهم أهلي الذين رفضوا تلك الزيجة، هم الذين شجبوا فكرة الطلاق ! لا مكان لي الآن .. ما زلت وحيدة ألجأ للطب النفسي عله يروضني وأعود إلى زوجي كعاقلة .. الحياة لا تسلبنا شيئا .. نحن دوما من يقامر فيخسر. 
احتار قليلا ثم قال لي: 
-أجل أحرقتها .. لأننا ننقلب صغارا وحوشا .. ولن نصبح أبدا وحوشا صغارا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق