Translate


الأحد، نوفمبر 28، 2010

الحمار الأعظم

بقلم: وليد محمد الشبيـبي

كان طري العود عندما فّر من مدينته المزدحمة والمكتظة بالفرسان (مدينة الخيول) ، سار كثيراً وعندما أبصر من بعيد مدينة جميلة ، كما أعتقد ، تغفو بسكون فجر يوم جديد على ضفة نهر هاديء ، قرر ان يغطس برأسه ليجلو هذا التعب بعد رحلة طويلة وقبل أن يدس رأسه في الماء شاهد صورة وجهه منعكسة من سطح النهر . صورة حصان يافع جميل ، فقرر أن يعلن عن بدء يومٍ جديد بصهيل أصيلٍ منه ولكنه ما أن أنتهى من صهيله حتى وجد المدينة كلها قد خرجت عن بكرة أبيها تنظر اليه بأزدراء وأحتقار:
ـ ماذا تفعل هنا ايها الكائن المسخ القبيح في مدينة الجمال (مدينة الحمير).
ـ لقد هجرت مدينتي (مدينة الخيول) بسبب اختياري (أجمل حصان في المدينة) ومنذ ذلك الحين لم أستطع العيش بشكل طبيعي لاهتمام المدينة كلها بي في أي وقت وفي كل مكان فقررت الهجرة وها أنا أحل ضيفاً على مدينتكم ايها الحمير. وما أن أنجز عبارته الأخيرة حتى ضج الحمير بالضحك والسخرية منه قائلين له: ـ أنت جميل ؟!! من هو (الحصان) الذي قال لك ذلك !! . ثم بعد ذلك تعالت الصيحات تطالب بتقديمه للمحكمة العليا للحمير لارتكابه عدة جرائم منها أنتهاك حرمة (مدينة الحمير) وكذلك خدشه للحياء والأداب العامة للحمير بـ(صهيله) القبيح الذي خالف موروثهم الموسيقي في (النهيق) الجميل أباً عن جد ، وكذلك لادعائه الجمال ومخالفته لمقاييس الجمال الاصيلة للحمير في مدينتهم هذه وتهم أخرى،فقرر الحمير تقديمه لملكهم (الحمار الأعظم) الذي ينتخبه جميع الحمير كل سنة وتكون شروط الترشيح لهذا المنصب أجمل واذكى حمار حسب مقاييس جميع الحمير كذلك صاحب أعذب نهيق في المدينة ، وعلى هيئة وذكاء هذا الحمار يجب أن يقتدى جميع الحمير ومن يخالف تلك المقاييس يرتكب جريمة حمارية دستورية. وفي الطريق إلى قصر الحمار الأعظم شاهد الحصان المسكين وهو مقيد في القفص ، صور لا تعد ولا تحصى للحمار الاعظم تملأ الشوارع والطرقات في مدينة الحمير . كتبت تحتها عبارات يقال أنها من حكم الحمار الأعظم ممهورة بتوقيعٍ كريم من حافره الجليل. فكانت مقاييس الجمال والحكمة والصوت تختلف كلياً عما يتمتع به هذا الحصان القبيح في مدينة الحمير لذلك فقد أيقن أن مصيره محتوماً في شريعة (مدينة الحمير).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق