Translate


الاثنين، نوفمبر 15، 2010

الساعات عبر الحضاره الاسلاميه



صناعة الساعات عبر الحضاره الاسلاميه
حاجة المسلمين في العصور الاسلاميه الأولى إلى معرفة مواقيت الصلاة ومواعيد الإفطار في شهر رمضان المبارك كانت وراء اختراع آلة من الآلات التي تطورت صناعتها وأشكالها وأنواعها عبر العصور حتى وصلت إلى أن تكون من أدق الصناعات وأكثرها تقدما في العصر الحديث وهي الساعات وتطورت في الحاضرة الاسلاميه لأهميتها في حياة المسلمين اليوميه وأهتم المسلمون بصناعتها فظهرت الساعات الرمليه والساعات الشمسيه والساعات الميكانيكية وسمي هذا العلم علم آلات الساعات أو علم الآلات الروحانية.

أقامها المسلمون في المساجد ودور العلم والميادين العامه :
نشأت الساعات وتطورت في الحضارة الاسلاميه لأهميتها في حياة المسلمين اليوميه الذي ينظر إلى علم آلات الساعات عند المسلمين يدرك المجهود الذي صرفوه في سبيل ابتكار هذا العلم وتعهده حتى بلغوا مابلغوا إبان حضارة الإسلام ،  هذا إلى جانب العناية التي وجهها ملوك المسلمين وأمراؤهم إلى تلك الآلات حتى أقاموها في المساجد ودور العلم والميادين العامه.

الوقت في بداية التاريخ:
وإذ رجعنا إلى عصور التاريخ الأولى نجد أن الوقت لم يكن له أهميه تذكر عند الإنسان البدائي فقد كان يؤت نشاطاته اليوميه اعتماداً على شروق الشمس وغروبها وعلى ساعته البيولوجيه أي تبعا لحالة الجوع في معدته ولو تيسر لأحد سكان ذلك الزمن الغابر أن يحصل على أدق اتواع الساعات لما كان به حاجه أليها ولقد كانت حياته بسيطة خاليه من القيود والالتزامات فهو لايستيقظ من نومه إلا عند شروق الشمس ولا ياوى إلى كهفه إلا عندا يخيم الظلام يأكل عندا يجوع دون تحديد لأوقات وجباته اليوميه ولم يكن يعنيه في قليل أو كثير أن يعرف الوقت أو في أي ساعة هو من ساعات النهار أو الليل.
ومع تطور الحياة بدا الإنسان يشعر بسريان الوقت وبدا يلاحظ تبدل أوقات النهار والليل وتبدل مواقع الشمس والقمر وتغير أماكن النجوم فأصبحت هذه المعرفة شيئاً جوهريا في حياته وبدا يضع إشارات معينه لرصد هذه الأوقات وكيفية التعامل والسلوك تجاهها.

الوقت عند المسلمين:
ولقد كان عرب الجاهلية يتعرفون على الأوقات بضلال الجدران و التلال والجبال وقامة لإنسان وتلون السماء.  وعندما جاء الإسلام كان المسلمون بأمس الحاجة إلى تحديد مواقيت الصلاة بصوره دقيقه،  ومن هنا استطاع العرب تطوير المزولة الكلدانيه والاغريقيه وقسموها إلى اثني عشر قسما فقاموا بعمل نماذج عديدة مستخدمين مبادئ علم المثلثات ، وأصبح طول الفترة الزمنية في المزولة التي صنعها المسلمون لا يختلف في الشتاء عنها في الصيف على الرغم من اختلاف طول النهار تبعا لفصول ألسنه.
عني العرب بالمزاول من أفقيه وراسية واعتداليه فنصبوها في المساجد والمدارس والمعاهد فهي بمثابة ساعة التوقيت المحلي وأناطوا العناية بها إلى المهندسين والمؤقتين. وكان العرب المسلمون يعرفون نوعين من الساعات فقد سموا الساعة التي هي 1 على 24 من اليوم ساعة معتدلة أو مستوية وسموا الساعة التي هي 1على 12 من الليل أو النهار ساعة زمانيه أو معوجه لاختلاف مدتها بالنسبة إلى الفصول.
ومن أروع الساعات المائية التي صنعها العرب تلك التي أهداها الخليفة هارون الرشيد إلى الإمبراطور شارلمان ملك فرنسا وكانت بسبب دقتها وحسن زخرفتها إحدى عجائب الصناعه ، وكانت مصنوعة من البرونز المطعم بالذهب وكان بمينائها اثنا عشر بابا صغيرا يمثل كل منها ساعة من الساعات بحيث ينفتح كل باب إذا حلت الساعة ويصحب كل ذلك مره سقوط كرات من النحاس الأصفر على قرص من النحاس الرقيق بحيث يدل عدد الكرات على الساعة التي حلت بها من النهار أو الليل.  ولقد تملكت الدهشة والعجب والإمبراطور وحاشيته من تلك الإله الغريبة التي تقيس الزمن وهكذا لم تعرف أوربا الساعة إلا عن طريق العرب في نهاية القرن الثامن الميلادي.
كذلك اشتهرت الساعة التي أهداها صلاح الدين الأيوبي لفردريك الثاني إمبراطور ألمانيا والتي كانت على شكل كره تتحرك عليها أشكال الشمس والقمر وسائر الكواكب فتبين في أثناء حركتها ساعات الليل والنهار.

اختراع الساعات وتطويرها :
ومن العلماء الذين قاموا بدراسة متعمقة في اختراع ا لساعات وتطويرها "ثابت ابن قرة " ومن أوائل أعماله تأليف كتاب عن المزولة الشمسيه التي كانت تستخدم لتعيين مواقيت الصلاة وقد توفي في بغداد سنة 901م ونجد "إبراهيم بن سنان " المتوفى سنة 976م له كتاب جامع في الساعات الشمسيه كما قام "أبناء موسى بن شاكر" الثلاثة المشهورون باسم بني موسى بوضع بحث في الحيل الميكانيكية في الآلات الذاتية الحركة.
ويعد العالم أبو يوسف الكندي الذي عاش في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) من أوائل علماء المسلمين الذين تناولوا عمل الساعات في كتاباتهم فله رسالة خطيه من ست صفحات محفوظة في الكتبه البودليه في أكسفورد برقم 663تحت عنوان "رسالة في عمل الساعات على صحيفة تنصب على سطح مواز للأفق بالخطوط خبر من غير برهان ".

ساعات المساجد :
ولان الدافع إلى صناعة الساعات وتطورها هو معرفة مواقيت الصلوات نجد أن الساعات الأولى ارتبطت بالمساجد والعمائر الاسلاميه فنجد الساعة المائية التي شيدت بظاهر الجامع الأموي بدمشق وسط القرن السادس الهجري والساعة التي شيدت بظاهر المدرسة المستنصريه ببغداد.
وقد وصف الرحاله التجيبي الساعه العجيبه التي أمر بصنعها السلطان لاجين بجامع ابن طولون بالقاهره فقال "ووضع فيها قبه جعل فيها صفر صغار على عدد ساعات الليل والنهار فإذا مرت ساعة انغلقت طاقه تلك الساعه وهو تدبير عجيب ولاتزال تغلق الأبواب كلها وتنقضي الساعات ثم تعود إلى حالها الأول.
ووصف ابن الفضل في كتابه "مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" ساعات مائيه كانت منتصبه بباب بجامع الكتيبه وصل ارتفاعها في الهواء خمسين ذراعا وتنزل عند انقضاء كل ساعة صنجه وزنها مائه درهم فتحدث رنه ولها أجراس يسمع وقعها من بعيد وتسمى عندهم المجانه وكانت متعطلة لاتدور في عصره.






ساعة جامع القرويين:
ومازالت في فاس ساعه مائيه في قلب المدينه وبالذات في القبه العليا من منار جامع القرويين الذي يقع شرق المدينه في الضفه التي تحمل القسم (عدوة القرويين) نسبه إلى المهاجرين الذين جائوا من مدينة القيروان إلى فاس. وفي تلك القبه من المنار نصبت الساعه الأولى التي عرفتها فاس ومتابعها من ساعات ومنها ساعة ابن الحبال عام 685هـ وساعة الصنهاجي القرسطوني عام 717هـ وساعة ابن العربي عام 774هـ وساعة ابن الفحام 758هـ وهذه الساعات المائيه كانت تحتضن معظمها مئذنه جامع القرويين وقد اختفت معالمها وانطمست ملامحها ولم يبقى منها الا الساعه المائيه الجميله التي يوجد أثرها إلى اليوم في هذا المكان والتي صنعت بأمر من السلطان أبي سالم بن السلطان أبي الحسن المريني وكان تمام صنع هذه الساعه وتركيبها في شهر محرم سنة 763هـ وكان المؤقت الذي عهد السلطان أبي سالم بالمهمه هو الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن سليمان اللجائي.

آلة التوقيت بجامع حلب :
ويضم جامع حلب الكبير أهم توقيت باقيه حتى اليوم تلك الإله التي تجمع الساعه الشمسيه والإسطرلاب وتقع في عرض صحن الجامع وهي عبارة عن قرص من المرمر الأبيض قطره 53م مثبت على عامود حامل من الحجر ويحيط به صف من الأسنان الحديدية وترتسم على سطح القرص عدد كبير من الخطوط المستقيمة والمنحنية المتقاطعة أو المتوازية أو المتناظرة حول مؤشرات معينه تشير بظلها أو سمتها إلى مواقع ستة أبراج فلكيه على قوس إلى اليمين يناظره إلى اليسار قوس ستة أبراج أخرى كما تبين مغرب التساوي ومشرق التساوي إضافة إلى خط الزوال ومواقيت العصر والمغرب.
وهناك مستقيم بين خط منتصف النهار ,وكما توجد دائرة صغيره تشتمل على ثلاث مدارة بيضاوية حول مؤشر مركزي للدلالة على مواقع البروج الفلكية أيضا ، وهي تشبه في شكلها العام البنية الكلاسيكية للذرة.
وقد دلت الجريده الرسمية في العهد العثماني على وجود موظف مختص يعرف بالميقاتي ويتقاضى راتبا شهريا لضبط مواقيت الصلاة حيث يعطي الاشاره لمؤذن الجامع فيبدأ بالأذان بينما يحمل مساعده علما اخضر يدور به الجهات الأربع لمئذنة الجامع فيراه مؤذنوا الجوامع الأخرى لبيدأوا أذانهم ويحمل ذات المساعد في الليل قنديلا وبهذا تنطلق مواقيت الصلاة من الجامع الكبير بحلب إلى الجوامع الحلبية الأخرى.

الساعه الشمسيه:
وإذا نظرنا إلى أنواع الساعات التي عرفتها الحضارة الاسلاميه عبر العصور نجد أن أول ساعه اخترعها الإنسان لمعرفة الوقت هي الساعه الشمسيه أو المزولة لأنه تعتمد على زوال ظل شخصها ليكون وقت الظهر فقد كتب عنها الخوارزمي وكان العرب المسلمون يستخدمونها لتحديد أوقات الصلاة فهي تعتمد على الشمس وزاوية انحرافها عن الأفق أي أن مبدأها يعتمد على الزوايا عوضا عن الساعه والدقائق والثواني وتتألف في أبسط إشكالها على عصا عموديه أو شخص راسي مغروس في الأرض وتحدد الزمن بتحديد طول الظل الساقط للعامود على الأرض أو على المستوى الأفقي وهكذا فأن المزولة تحدد الوقت بحركة الظل تبعا لحركة الشمس الظاهر ، ولم تكن المزولة الأولى تقسم النهار إلى أكثر من أربعه أقسام ، ولكن تطور الزمن أصبح من المألوف أن يقسم الوقت فيما بين شروق الشمس وغروبها إلى 12 جزاءا متساويا أي 12 ساعه.

ولكن للمزولة ثلاث عيوب:
1- لا يمكن استخدامها إلا نهارا عندما يكون الطقس صحوا.
2- يجب استخدامها في المكان الذي تم صنعها فيه حسب خط العرض.
3- الوقت الذي تقيسه غير متساوي لان الأيام تختلف أطوالها باختلاف الفصول.

الساعه المائيه:
ولهذه العيوب لم تكن الساعات الشمسيه مفيدة دائما فهي مثلا لم تكن تعمل في الأيام غير المشمسة ولم تكن تعمل ليلا لغياب الشمس ولذلك ظهرت أنواع أخرى لساعات لاتعتمد على الشمس ولكن على الماء وهي الساعات المائيه فقد أدرك الإنسان أن تدفق الماء من ثقب في الوعاء مملؤ بالماء يحدث بمعدل ثابت وأدت هذه الفكرة إلى اختراع الساعه المائيه وكان الماء في تلك الساعات المائيه القديمة ينساب من ثقب قرب قاع إناء حجري وكانت العلامات المحفورة على جدران الوعاء تبين الساعات بحيث يعرف الناس الوقت إلى كمية الماء المتبقية في الوعاء.  والساعات المائيه من المجالات التي أولع بها العديد من العلماء المسلمين قطعوا شوط كبيرا فيها ووصفوا العديد منها في كتبهم وصفاً يدل على تفوق المسلمين الأوائل في هذا المجال. ولم تكن هذه الساعه تشير إلى ساعات متساوية الواحد منها ستون دقيقه بل إلى ساعات وقتيه أي أن ساعات النهار وساعات ألظلمه كانت تقسم على العدد 12 لتعطي ساعات تتغير مدتها مع الفصول.

الساعات الرمليه :
ثم اخذ الناس يستعملون الساعات الرمليه مع بدايات القرن الرابع عشر وكانت تلك الساعات تعمل بنفس الأسلوب تقريبا الذي تعمل به الساعات المائيه وابسط الساعات الرمليه تتكون من انتفاخين زجاجيين يتصلان معا من خلال عنق صغير تنساب الرمال من العنق العلوي إلى السفلي فعندما تنتقل كل الرمال من الجزء العلوي يدرك احد مراقبي الوقت أن فتره زمنيه محدده قد مضت.

الساعات الشمعية:
وظهرت بعد ذلك الساعه الشمعية وهي شمعه رفيعة عليها علامات ذات مسافات ثابتة (عاده تكون مرقمه وعندما تحرق تدل على مقدار الزمن الذي مضى ، وعلى الرغم من أن الساعات الشمعية لم تعد تستعمل ألان فهي تقدم طريقه ذات كفاءة جيده لدلاله على الوقت في الليل والأيام الغائبة. وهذه الساعات صممت على أساس استخدام شمعه كبيره ذات وزن ومقطع عرضي ثابت وذات معدل احتراق معروف موضوعه في غلاف حديدي مع غطاء ملائم ، والجزء السفلي من الشمعة يرقد في إناء عميق له حلقه جانبه متصلة بثقل موازن من خلال بكره وكلما احترقت الشمعة كلما دفعها الثقل إلى اعلي بسرعة ثابتة ، في حين توجد اله ذاتية التشغيل تعمل من إناء الذي هو في أسفل الشمعة.

الساعه الميكانيكية:
وفي مرحله متطورة لصناعة الساعات والآلات قياس الوقت ظهرت الساعات الميكانيكية وكانت تلك تستخدم أوزان هابطه وصاعده لتحديد الوقت المنقضي ، وذلك بإدارة أحد التروس الذي يستمر في الحركة حتى يطلق رنين الجرس.
والساعات الميكانيكية أو الشاليه شأنها في ذلك شان الساعات المائيه أو الرمليه تقيس الساعات التي تمضي ، إلا أن أقدم الساعات الميكانيكية لم تكن تذكر الوقت كما هو الحال ألان فلم يكن بها عقارب أو قرص وإنما كانت تطلق اشاره عندما تمر ساعه كأمله. وحتى هذا لم تكن تفعله بدقه إذا كان إصدار تلك الإشارات كثيرا مايتخلف نحو خمسة عشر دقيقه كل يوم. وقد بدأت معرفة الوقت كمن عهده ألان عام 1656م عندما بناء مخترع هولندي هو كريستيان هاي جنز ساعه ببندول وقد استخدمت الحركة المنتظمة للبندول الذي يتأرجح بحريه في تعيين الوقت وتأرجح البندول عبارة عن دوره تعتمد على انتظمها أكثر مما يعتمد على الماء المتساقط أو الإثقال المعلقه ونتيجة لذلك كانت الساعه ذات البندول دقيقه ومظبوطه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق