Translate


الأربعاء، يناير 05، 2011

العمل والفاعلية طريق التقدم


الكتاب: العمل والفاعلية طريق التقدم
الكاتب: حسن الصفا.
عدد الصفحات: 86 من القطع الوسط.
الناشر: دار الكنوز الأدبية – بيروت.
عام النشر: 1421هـ. 

لعل من الأسباب الرئيسة التي ساعدت على تقدم المسلمين، كما ساعدت على تقدم الإسلام، بصورة ملفتة لنظر المتتبعين والباحثين، هي إرادة العمل التي كان يتمتع بها المسلمون آنذاك. فقد تعلموا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينجزوا أعمالهم بإتقان، ولعل حادثة مشاركة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في دفن الصحابي الجليل (سعد بن عبادة) خير شاهد على ذلك، فقد روي أنه لما فرغ من دفنه وسوّى عليه التراب قال (ص): "إني لأعلم أنه سيبلى ويصل إليه البلاء، ولكن الله يحب عبداً إذا عمل عملاً أحكمه"، وهو القائل (ص): "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه"، وجميعنا نقرأ قوله سبحانه وتعالى: {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} التوبة: 105.  
إن أوطاننا ومجتمعاتنا لن تتجاوز تخلفها إلاّ إذا قرر أبناؤها استخدام قدراتهم وطاقاتهم في العمل والبناء ... وما يحتاج إليه إنساننا هو إرادة العمل، بأن يقرر بذل أقصى طاقته، وغاية جهده، من أجل بناء الوطن، وصنع المستقبل الأفضل.
  •  بين الأمل والعمل: 
تحدث 
المؤلف عن المدى الواسع لتطلعات الإنسان وآماله، ويشير الكاتب إلى أن "أهمية الأمل والتطلع عند الإنسان تتحقق عندما يكون وقوداً للحركة، وطاقةً للسعي، وعندما يخلق حالة من الاندفاع نحو العمل، فبنفس القدر يكون مؤثراً في حياة الإنسان وفاعلاً في واقعه." 
وتحدث أيضاعن تأثير الأفكار والمعتقدات يقول المؤلف، لا يصح أبداً أن يتوقع الإنسان المؤمن أن تشفع له عقيدته الصحيحة في ترتيب شؤون حياته، وفي أخذ موقع متقدم على الآخرين، دون أن يكون مستحقاً لذلك بكفاءته وسعيه. ففرص التقدم في الحياة متاحة للجميع، والسنن الإلهية الحاكمة لا تقبل المحاباة ولا المحسوبيات... وفي معركة أحد نجد مصداقاً لهذه المعادلة الحياتية. فدرجة ومستوى كل إنسان تتحدد عبر سعيه وعمله. 
  • إ
    رادة العمل:
وجه الكاتب النقد للخطاب الديني الذي انشغل بالتوجيه لقضايا الآخرة وتناسى هموم المعيشة وقضايا الحياة! حيث بالغ بعض الواعظين والمرشدين في تثبيطهم الناس عن الكدح والعمل، نتيجة خطئهم في قراءة بعض المفاهيم الدينية، كالزهد والورع والتقوى، وذم حب المال والدنيا، التي هي كوابح وضوابط لتنظيم حركة الإنسان في الحياة، حتى لا يقع في المزالق والمهالك، ولا يفقد توازنه، أو يبغي ويعتدي على أبناء جنسه؛ فالمؤمن الحقيقي يتطلع إلى النجاة في الدارين، كما إنه لا ينسى نصيبه من الدنيا، بل يقول كما علمه الله تعالى: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة} البقرة: 201.
  • العمل والفاعلية في رؤية الإسلام:
تحدث الشيخ هنا عن دروس في حب العمل من واقع حياة الأنبياء - والأئمة - (عليهم السلام)، حيث فهموا الدين عملاً ونشاطاً، ومارسوا التدين كمنهج للكدح والحركة في هذه الحياة، وهم القدوات الذين يجب أن يتأسى بهم الإنسان المسلم. وقد روت (خديجة) أم المؤمنين (عليها السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نزل عليه الوحي ترك كل راحة وكان يدأب ليل نهار في العبادة والعمل، فقلت له: يا رسول الله ألا تستريح ألا تنام؟ فقال: لقد مضى عهد النوم يا خديجة.
  •  كيف يعمل الآخرون ؟
تحدث الكاتب عن الهوة الواسعة - التي تفصل بين مستوى الفاعلية والعمل، ومدى الحركة والإنتاج - لدى إنسان العالم الثالث وبين إنسان العالم المتقدم. ففي إحصائية عن اليابان تقرأ: إنّ 10% من الذكور البالغين الذين يموتون كل عام، يقتلون أنفسهم بكثرة العمل. ويحصل اليابانيون على أسبوع واحد إجازة في السنة. كما أن الحكومة اليابانية اقترحت تخفيض ساعات العمل من 44 ساعة إلى 42 ساعة أسبوعياً ولكن الأكثرية من الشعب تخالف هذا الاقتراح.
و تتفاجأ عندما تقرأ العنوان الذي وضعه المؤلف، (أعداؤنا عبرة لنا)، وقال في هذا "شراذم من اليهود اجتمعوا من أنحاء مختلفة من العالم، ليغتصبوا أرضاً ليست لهم، وطردوا منها أهلها بقسوة وبشاعة، ثم أشادوا لهم كياناً عدوانياً سمّوه "إسرائيل" ... وليس في الأرض التي احتلوها "فلسطين" إمكانيات وثروات مادية متمّيزة .. لكن هؤلاء اليهود، رغم حداثة دولتهم المصطنعة ... استطاعوا أن يجعلوا من كيانهم قوة ترهب دول المنطقة، وتسعى للهيمنة عليها، وحققوا تقدماً وتطوراً علمياً وصناعياً وإنتاجياً مدهشاً."
  •  إتقان العمل:
يقول المؤلف هنا: لا تقف المعادلة عند حدود أن تعمل أو لا تعمل، فمتطلبات الحياة ومستلزماتها تفرض عليك حداً من العمل و الحركة، لكن المعادلة الأصعب والأعمق تكمن في التنافس على مستوى العمل ودرجة إتقانه. وأشار إلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حول تذكية الحيوان وذبحه، والتعاليم والآداب التي ينبغي مراعاتها في هذا المجال، حيث يقول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما رواه مسلم في صحيحه: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتل، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته."

لقد قام المؤلف في كتابه هذا ببث روح العمل والفاعلية ، والدعوة الى المثابرة والتقدم لبناء حياة أفضل ومجتمع واعي أكثر موضوع نال على اعجابي (لنأخذ عبرة من أعدائنا) انه لشئ يدعوا الى التحسر على واقعنا الذي نعيشة، ودعوة الى الاقتباس من اعدائنا ما يعود علينا بالمنفعة ومالا يتعارض مع ديننا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق