Translate


الأربعاء، سبتمبر 02، 2009

تناقضات اجتماعية

نحن المجتمع الوحيد من بين كل دول العالم الذي يمنع الشباب من دخول الأسواق والمراكز التجارية بعذر
أنهم يضايقون النساء ويغازلون البنات .. دون أن نملك القدرة والقوة والهيبة على فرض عقوبات صارمة تردع هؤلاء الشباب عن ارتكاب أي تصرفات تجاه النساء والبنات وتسمح لهم بالدخول إلى هذه المواقع وغيرها في ظل التزامهم بسلوك مثالي مؤدب يحترم الآخرين.. ولكن للأسف عجزنا عن ذلك ولازلنا عاجزين !! وتركنا هؤلاء الشباب يتكدسون أمام مداخل هذه المراكز التجارية في صورة مخجلة وفي مظهر غير حضاري لانجد له مثيلا في أي دولة من دول العالم !!

نحن المجتمع الوحيد الذي يتسابق أبناؤه إلى بناء المساجد ولله الحمد والمسارعة إلى تلبية نداء الصلوات من أجل تأدية واجب الفريضة وطلب الحسنات والمغفرة .. ولكن قبيل الدخول إلى المسجد أو الجامع لا يتردد بعضنا في إغلاق الشوارع المحيطة بالمسجد بسياراتهم وإيقافها "بصورة فوضوية" وإعاقة الطريق أمام الآخرين .. ونتمادى أيضاً في وضع الأحذية عند باب المسجد ولا نلتزم بوضعها في الأدراج المخصصة لها رغم وجود تعليمات بذلك؟؟.

نحن المجتمع الوحيد - ولله الحمد - الذي يحارب الاختلاط بين الرجال والنساء ولكن سمحنا لنسائنا ولبناتنا بالخروج إلى العمل وإلى المدرسة برفقة السائقين الأجانب الذين أحضرناهم من معظم دول العالم بمهنة سائقين وفي بعض الحالات وضعنا مع النساء والبنات خادمة أو طفلا جاهلا يرافقهن مع هذا الأجنبي لتمرير جواز عملية النقل هذه دون أن تدرك هذه الخادمة أو يدرك هذا الطفل حقيقة دورهما في هذه المهمة بل اعتقدت الخادمة واعتقد الطفل بأن دورهما دور أمني !!
نحن المجتمع الوحيد من بين دول العالم الذي يستورد أكبر عدد من أجهزة الهاتف النقال وأجهزة " كمبيوتر " فأصبح لدى الأب والزوجة والابن والابنة والخادمة والسائق حتى الطفل في المرحلة الابتدائية أكثر من جهاز نقال وجهاز (لاب توب) بل وأكثر من شريحتين وهذا من باب الإسراف والوجاهة بصورة لا نجد لها مثيلا في أي مجتمع فأوجدت هذه الأجهزة صورة حية تمثل أسوءأ أنواع العزلة بين أفراد الأسرة الواحدة !!
نحن المجتمع الوحيد الذي يردد عبارات التشجيع على السياحة الداخلية في نفس الوقت الذي يتسابق ويتنافس ويتفاخر فيه المسؤولون في الأجهزة الحكومية صغاراً وكباراً نحو السياحة الخارجية في كل الاجازات حتى أصبحت معظم الدوائر الرسمية تعيش في شبه فراغ إداري قيادي خلال فترة الصيف وتسبب هذا الفراغ في توقف وتاخرت الكثير من القرارات وبالتالي تعطلت الكثير من المصالح ... !!
نحن مجتمع يشجع على السياحة الداخلية وبتحمس وطني كبير في نفس الوقت الذي يعاني فيه السائح المحلي من ارتفاع جشع في الإيجارات لمساكن غير مؤهلة في حالات كثيرة ، ويعاني السائح من ارتفاع الأسعار وشح الخدمات وشح المياه وعدم توفر حجز بالطيران المحلي للكثير من المناطق !!
نحن أكثر مجتمع يشهد في كل لحظة الكثير من الوعظ والنصح والإرشاد بحسن الخلق والتعامل بكافة الوسائل ولله الحمد ومع ذلك يعاني المراجع للأجهزة الرسمية من قلة احترامه وانعدام بشاشته وتعاني الوظيفة من عدم احترام وقتها وتفتقد الوظيفة الإنتاج المثالي في الأداء من فئة كبيرة من العاملين في الأجهزة الحكومية !!
نحن أكثر شعب يستقدم الآخرين من بلادهم للعمل لديه في كل المهن وفي كل المواقع ومن كلا الجنسين بأعداد لا مثيل لها في أي دولة في العالم مقارنة بأعداد سكان المجتمع الوطنيين ومع ذلك نجد هناك أعدادا هائلة جداً من أبناء الوطن الذين يبحثون عن العمل وعن الوظيفة في ظاهرة وقضية متأزمة منذ سنوات طويلة ودون أن نكلف أنفسنا بحث الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة !!
نحن شعب في كل منزل تقريباً خادمة وسائق بل وأكثر من ذلك يقومون بكل الأعمال ومع ذلك نستغرب جداً ونتساءل عن مسببات اتكالية أبنائنا وقلة خبرتهم وانعدام معرفتهم بكثير من هذه الأعمال !!
نحن قد نكون المجتمع الوحيد من بين دول العالم الذي يستقدم كل أنواع السيارات وبأكبر الأعداد وبأحدث الموديلات قياساً بعدد السكان فأصبح في كل منزل أكثر من سيارة ومع ذلك لم نفكر ولو للحظة في إيجاد مصنع للسيارات أو إيجاد مصنع لقطع الغيار أو إيجاد فنيين سعوديين يغنوننا عن الآخرين .. لأن هناك من هو مستفيد من عدم إيجاد ذلك!!
نحن مجتمع أبناؤه يكونون في الخارج مؤدبين ومثاليين وملتزمين جداً بالنظام في الشوارع وفي كل المواقع التي يرتادونها .. ولكنهم في بلادهم يكونون ويتعاملون بصورة مغايرة فنجد منهم من يعادي النظام ويمارس الفوضى واللامبالاة وبأسوأ الصور وبكل تحد !!
نحن مجتمع من بين أفراده من استطاع وبنجاح تام وباقتدار وبدقة كاملة من الظهور بأكثر من وجه وبأكثر من سلوك وبأكثر من شخصية خلال اليوم الواحد !! فهناك شخصية في العمل وهناك شخصية في السفر وهناك شخصية في المنزل وهناك أكثر من شخصية مع الأصدقاء والزملاء .. وهناك شخصية مع الأقارب وهناك شخصية وحدانية!!
السؤال: لماذا لدينا مثل هذه الازدواجية (وأكثر من ذلك)؟ ولماذا هذا التناقض في مجتمعنا ؟
الإجابة موجودة ومعروفة .. ولكن لا أحد يستطيع قولها !! وهذا الصمت قمة الازدواجية.!!!ا
عبدالرحمن عبدالعزيز آل الشيخ - الرياض









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق