Translate


الجمعة، مارس 18، 2011

طريق مانديلا .. دروس في الحياة



الكتاب الذي حاز على إعجاب القارئ الأمريكي وسجل أعلى المبيعات هناك هو " طريق مانديلا .. دروس في الحياة " لريتشارد ستنجل. سبعة وعشرون عاما هي مدة حبسه في سجن جزيرة روبن كانت كافية ان ترد السلطات العنصرية في افريقيا الجنوبية عن غيها وتطلق سراحه مرغمة بفضل صلابته ومناصرة الخيرين له في انحاء العالم حتى اصبح هذا المناضل أحد الرموز الوطنية والمثل الذي يحتذى به خاصة في افريقيا القارة الأغنى في العالم من حيث مواردها والأفقر بين شعوب الأرض. جرى تشجيع هذا الرجل العظيم من قبل رفاقه لكتابة مذكراته خلال الليالي الطويلة التي قضاها في ذلك السجن الرهيب ، وافرج عن ذلك الكتاب في عيد ميلاده ال 60 عام 1987 وقد قال عنه انه كان يكتب ذلك الكتاب في الخفاء ليلا قبل ان تهرّب مسوداته من قبل مساعديه ، وقد علق عليه ماك مهاراج وهو واحد من اقرب المقربين اليه طارحا فكرة اختفاء الحيوية على النص مع مزيد من التفاصيل الشخصية وحتى العاطفية مرورا بتفتت زواجه الأول وعلاقته بزوجته الثانية ويني مانديلا. مهاراج ذاك اطلق سراحه قبل مانديلا فحمل معه نسخة من مخطوطة المذكرات تلك التي عرضها بدوره على ريتشارد ستنجل الصحفي الأمريكي الذي عاش لسنوات في افريقيا الجنوبية يكتب لمجلة التايم والذي اصبح رئيسا لتحريرها فيما بعد ،تقاريرا وتحليلات عن الواقع السياسي والإضطهاد الذي يعاني منه شعب تلك البقعة نتيجة لحكم البيض العنصري لها ، ستنجل جعل من هذه المذكرات قابلة للقراءة بعد ان كانت مشروعا يشوبها الكثير من الفوضى ، فاضفى عليها تفاصيل اخرى عن كفاح مانديلا منذ الاضطرابات الداخلية لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي عام 1950 والتي ادت الى القرار المثير بالتخلي عن الإحتجاجات غير العنيفة واعتماد الكفاح المسلح ، هذا النص كان أحد الاسباب التي أدت الى اطلاق سراحه من السجن ، المذكرات اصبحت في وقت لاحق من افضل السلاسل الجديدة بين نهر كبير متدفق من الكتب التي تبحث في حياة ونضال مانديلا. رافق ستنجل مانديلا بعد اطلاق سراحه ما يقرب من ثلاث سنوات بداية عام 1990 فزار معه قريته الريفية التي اضحت شبحا بعد ان تركها تنعم بالخيرات ومع استناده الى مئات الساعات من المقابلات فهذا يظهر بوضوح انه يعشق صاحب المذكرات ، فقد سافر معه وأكلا سوية فتمخضت المذكرات عن 230 صفحة اضافية واتضح له ان مانديلا ليس سياسيا فحسب بل يكاد يكون براغماتيا وليس قديسا ولا يشبه حتى غاندي بشيئ. هناك حكايات جديدة اضافها ستنجل لاسيما ما يتعلق منها بجزيرة روبن وكيف وقف مانديلا بوجه حراسه هناك ، أو شروعه في محادثاته السرية مع نظام الفصل العنصري واستغراقها لفترات طويلة مارس خلالها نوع من السحر السياسي المتمثل باقناع زملائه مع الحكمة لإقناع الجانب الثاني التي قال عنها ستنجل : ( أعتقد انها كانت لعبة طويلة لمانديلا مارسها بنجاح ) ، لكن هنالك شيئ كريه مارسه البعض للإتجار بهذه الشخصية الوطنية وبشيئ من الهرج والمرج كما يعبرستنجل عنها ، وقد خاض محاموه معركة شرسة ضد أولئك المتعبون من الناس الذين يبذلون المال من أجل شراء تراث هذا الرجل وجعله سلعة للبيع والمساومة به بمبالغ خيالية ، فالعديد من الكتب الجديدة التي هي مجرد صور ومعلومات اصبحت مألوفة حتى قبل بضع سنوات عندما بدأت قوته تتلاشى ، ويمكن الوصول اليها بسهولة وحتى في العام 1994 عرف الصحفيون ان واحدا من التحديات الكبرى هي مقابلته بغية الحصول على أي شيئ جديد عن ماضيه بعد كل تلك الفضائح ، لكن بالمقابل هناك عدد قليل يمكن ان نطلق عليها موجة ثانية من الكتب حوت رؤى جديدة وحقيقية كالمؤلف ديفيد جيمس في كتابه " شباب مانديلا " الذي قال في معرض حديثه عما كتب عن مانديلا : ( هناك ضجيجا سبق نشر بعض ما كتب عن مانديلا وحمل عناوين لافتة للنظر قيل للقراء وقتها انها كشف عن حقيقة تلك الأسطورة ، لكنها في الحقيقة تعريض خاطئ لحياة خاصة سادتها فوضى قبل وبعد اطلاق سراحه ، منها الادعاء بأنه كان يضرب زوجته الأولى مرارا وكنت اتوقع ان التاريخ سوف يعيد النظر بالكثير مما كتب عن هذه الشخصية الفريدة). في الدفعات الأولى من الكتب التي صدرت عنه عام 1990 اتسمت بالإستغلالية فقد روى احداها أن أحد حراس سجنه فتح له حساب من السندات لمصالح ذاتية مبالغ فيها كان من المفروض رفضها من قبل مساعديه ، بينما جرى العكس ولا ندري من كان يقبض الثمن ؟ انتوني سامبسون صديقه القديم نشر عام 1990 نتفا من تلك السيرة استكملها بعد ذلك الكاتب مارتن ميريديث بعناية وحملت عنوان " مانديلا .. مختصر السيرة الذاتية " والتي نشرت عام 1999 مستوعبا فيها كل الأدلة المنشورة والمتاحة وبذلك ترتفع حصيلة الكتب الصادرة عن مانديلا حتى خلال سنوات ما بعد الرئاسة عندما قاد نضالا جديدا هو مكافحة الايدز.
مانديلا الآن يعيش سنواته ال92 وسط احتفالات كبيرة عززته الأمم المتحدة بإقرارها ان عيد ميلاده في عمره الآن هو يوما دوليا تكريما لبطل النضال ضد نظام الفصل العنصري قالت عنه زوجته غارسا ماشل ان نلسون مانديلا سيحتفل بعيد ميلاده وسط العائلة واضافت انه سيكون يوما هادئا بالنسبة له وان صحته جيدة جدا رغم نحوله. وأمام بيته احتشد عددا من الاشخاص لرؤيته في وقت مبكر بينما حضرت مواطنته جيسي مارتينا حاملة يافطة كتبت عليها " عيد ميلاد سعيد ماديبا " وهي التسمية التي يطلقها مواطنوه عليه وكانت تردد : أريد ان أراه .. أريد ان أراه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق