Translate


السبت، أغسطس 20، 2011

يوميات الثورة في سورية

د. محمد العبدة 
يتطلع الشعب السوري إلى غادة جميلة يسعى إليها ويعمل على وصالها ، أتعلمون ما هي ؟ إنها الحرية ، لأنها السلوى الصادقة والحاجة الطبيعية للإنسان ، بل هي من خصائص البشرية ، كلما اقترب منها الإنسان ، إقترب من بشريته. الحرية هي أنك تقدر على الاختيار الأصيل ، وتتيح لك أن تحدد غاياتك وأن تحققها بالفعل ، لأن أسوأ ما يبتلى به شعب هو أن لا يفكر بحياة فيها حرية وكرامة ، وفيها الأمن النفسي والأمن الاقتصادي.
الإنسان الحر هو الذي لا يخضع لعملية استرقاف فكري أو سياسي كالذي تمارسه الدول الدكتاتورية على بعض الناس ، الانسان الحر هو الانسان غير الزائف والذي تظهر فيه الفطرة الانسانية متغلبة على الطبيعة الحيوانية. الحديث عن الكرامة الانسانية ليس من باب الترف الثقافي ، بل هو من لباب الدين والأخلاق، فإشعاع الروح الذي بثه الإسلام سوف يفقد أساسه عندما يفقد الفرد شعوره بقيمته وقيمة الآخرين. الحرية هي حرية الداخل ، حرية القلب فقد تحجز الإنسان قضبان السجن ولكنه غير مستعبد لأحد من البشر ، أي لا يزال يملك حرية الاختيار النيًر.
هل هم سوريون؟ هؤلاء الذين يقتلون الأطفال ويمنعون عنهم الدواء ، وهؤلاء الذين يأمر ون جندهم بقصف المدن والمساجد وقتل الناس عشوائيا هل هؤلاء سوريون ، يجب أن نشك في ذلك ، إنهم سوريون جنسية وسكنا ، ولكنهم ليسوا مواطنين في هذا البلد الطيب ، ربما في خبيئتهم يعتبرون وجودهم في هذا الوطن طارئا ، ولذلك لابد من نهبه والاستمتاع بخيراته ما أمكن ذلك ، ولابد من اذلال شعبه وممارسة السادية الحاقدة ما أمكن ذلك ، فالوطنية بكل معانيها الواسعة والضيقة لا تعني تخريب البلد علميا واقتصاديا وسياسيا ، فمستوى التعليم قد ضعف كثير في عصرهم ، والنهب الكبير والفساد الاداري الذي يمارسونه يعرفه كل سوري ، وأما الدفاع عن الوطن ضد العدو الصهيوني فالكل يعرف ماذا جرى ويجري في الجولان. في مرحلة ما قبل الاستقلال وبعد الاستقلال كان هناك وطنيون ، وإن كنا نختلف مع بعضهم في توجهاتهم الفكرية ولكنهم سعوا لما فيه مصلحة الوطن ، أنشئوا جيشا قويا (مع الأسف تحول إلى الاحتلال الداخلي) وشجعوا الصناعة والتجارة وإذا رجعنا إلى مذكرات السياسيين (مذكرات عبد السلام العجيلي مثلا) سنجد كيف كان الناس يحاسبون هؤلاء الوطنيين على كل قرش ينفقونه ، كما سنجد الأرقام المتواضعة التي تنفق على المؤتمرات أو المهام الرسمية ، وسنجد التواضع من أمثال ناظم القدسي وشكري القوتلي.
سياسة تركيا
أحد الشعارات المرفوعة في المظاهرات التي تجري في سورية تطالب الحكومة التركية بتوضيح موقفها من القمع الذي يتعرض له الشعب السوري ، بل هي ضمنيا إدانة للموقف التركي المتردد الغائم ، يقولون إنهم أعطوا النظام فرصة للإصلاح ، وهو موقف غريب ، بعد كل هذا الإجرام من النظام هل هناك حديث عن إصلاح؟ اذا من الذي سيحاسب عن هذه الجرائم ، ومن هوا المسؤول عن ذلك ؟ ومن طبيعة الطغاة أن الله يعميهم ويصمهم عن سماع الحق والرجوع إلى الحق ، قال تعالى معقبا على الذي حاج ابراهيم في ربه ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) إن أحد أسباب تخبط السياسة التركية هو نظرية وزير الخارجية في السياسية الخارجية وملخصها : تحويل الخصم إلى صديق بفضل السوق ، وإن التبادل التجاري هو وسيلة للتقريب بين البشر وإنهاء خصوماتهم ، وهذا النظرية وإن كان ظاهرها جذابا إلا أنها قليلة الجدوى ، بل هي أقرب للخيال، هذا أحد الأسباب وبالتأكيد هناك أسباب أخرى مثل تخوفهم من فراغ سياسي في سوريا ، وهو تخوف في غير محله أو حسابات لواقعهم الداخلي والذي لم تحسم بعض مشاكله حتى الآن والحكومة التركية وإن جاءت باختيار الشعب ، وهذا شيء مهم ، وإن قامت بإصلاحات اقتصادية كبيرة وقد رسخت جذور حزب العدالة في المجتمع التركي ولكن الديمقراطية قد تكون جبانة احيانا.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق