Translate


الاثنين، سبتمبر 06، 2010

الحمام لا يطير في بريدة



في رواية "الحمام لا يطير في بريدة" يتخذ الروائي يوسف المحيميد من رحلة القطار لشخصيته المحورية فهد سليمان السفيلاوي، ذريعة لاستعادة مأساته الذاتية، في مجتمع يسيطر عليه "حراس الفضيلة"، فمجرد صعوده إلى القطار من محطة ليفربول بلندن متجها إلى مدينة "غريت يارموث"، وعلى مدى أربع ساعات، يحاول الاتصال بصديقه وتوأم روحه الشاب الجنوبي سعيد بن مشبب، وبدلا من الرنين المعتاد تأتي أغنية قديمة لخالد عبدالرحمن توقظ أشجانه وأحزانه ومواجعه...كما تستعرض الرواية حياة والديّ هاتين الشخصيتين، وهما ممن تورط بحادثة الحرم المكي عام 1979م، فالجنوبي مشبب ممن حمل السلاح ودخل الحرم، وتم إعدامه فيما بعد، بينما سليمان السفيلاوي كان يقود توزيع المنشورات ذات فجر رمضاني قبيل احتلال الحرم من قبل الجماعة السلفية المحتسبة، فدفع ثمن أفكاره الاعتقال لمدة أربع سنوات في السجن.الحياة المزدحمة والمتحولة لشخصية فهد، منذ ولادته لأم أردنية، ومعاناته مع أخته لولوة بسبب ذلك، وحتى القبض عليه من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بتهمة خلوة غير شرعية مع حبيبته طرفة الصميتان قبيل سفره النهائي أو هروبه إلى بريطانيا، مرورا بمواقف مؤثرة، أحدها في بيت عمه ببريدة مطلع التسعينيات، حينما سافر هناك مع أهله هربا من ويلات حرب الخليج الثانية، ليتعرض لمحاولة تحرّش من ابن عمه الذي يكبره، فتتملكه حالة فوبيا مزمنة من الطيور، ثم موت والده زمن المراهقة في حادث، وتطوع عمه للزواج من أمه كي يحافظ على ولد وبنت أخيه، هذا العم، إمام المسجد، ذو الصوت الرخيم، يبدل حالة البيت من حالة عيش طبيعية، إلى رفض قاطع ومتشدد لكل أسباب الحياة والمدنية، فالرسم حرام، والموسيقى حرام، والصور حرام، واختلاط الولد مع أخته حرام، حتى يهرب فهد من البيت في لحظة نزق مرعبة، ليعيش مع صديقة سعيد في شقته.


الأم سها، شخصية متحولة، من بيت أردني يحب الموسيقى وصوت فيروز، إلى حياة مطمئنة، ثم حياة قاسية مع العم، تنتهي في حالة قتل شبه متعمد على يد شيخ مصري يطرد الجن.
أما شخصية طرفة، فحياة لهو مستمر، وهروب من تجربتي زواج فاشلتين، إحداهما من ممثل مغمور، والثانية من شاب غامض، يدمن التنقل بين مواقع الإنترنت المتشددة، حتى يختفي ذات ليل، ولا يعود، فتضع طرفة صغيرتها سارة، في ظل غياب والدها، كما هي حالة سعيد بن مشبب الذي كان في رحم أمه وهي محبوسة في أقبية الحرم المكي مطلع القرن الهجري، حينما غرر بها زوجها، ودخلت الحرم بحجة أداء العمرة، فرأى سعيد النور دون أن يجد والده الذي تم إعدامه بعد تحرير الحرم المكي بأيام.

تعتمد هذه الرواية على وثائق تراوحت بين الوضع الاجتماعي السائد قبيل موقعة السبلة التي حدثت بين الملك عبدالعزيز وجماعة الأخوان، ووثائق من حادثة الحرم المكي، إضافة إلى وثائق صحفية حديثة، تكشف ما يدور في المجتمع من أوهام وخرافات لا تزال سائدة حتى اللحظة الراهنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق